*فادي السمردلي يكتب”جاجة حفرت على راسها عفرت” دروس في فن الاختيار*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

“جاجة حفرت على راسها عفرت”، مثل شعبي يحمل في طياته حكمة بليغة تختصر حكايات طويلة عن العواقب الوخيمة التي تأتي نتيجة سوء التصرف والاختيار الخاطئ لمن يتم تسليمهم المناصب داخل المنظومة سواء حزبية،اقتصادية او اجتماعية بالإضافة الى اتخاذ قرارات تؤدي إلى الإضرار بالنفس والآخرين فهذا المثل يمثل صورة واضحة لشخص أو مجموعة تعمل بدون دراية أو حكمة، فتقع في فخ صنعته بيدها وعندما يُسقط هذا المثل على مجالات الإدارة والقيادة، يصبح أداة قوية لفهم النتائج الكارثية لتولي أشخاص غير أكفاء زمام الأمور.

الإدارة ليست مجرد منصب أو لقب يُمنح لشخص لمجرد كونه موجوداً، بل هي مسؤولية تتطلب مهارات متعددة تبدأ من التخطيط والتنظيم للوصول إلى قرارات استراتيجية تحافظ على استقرار المؤسسة وتُحسن من أدائها وعندما يُسند دور القيادة إلى أشخاص يفتقرون إلى الكفاءة أو المعرفة اللازمة، تصبح النتيجة الحتمية انهيار المنظومة برمتها، لأن الإدارة السيئة أشبه بحفرة عميقة تبتلع كل الجهود والموارد، وتُبدد الإمكانيات دون تحقيق أي إنجاز ملموس.

إن غياب الكفاءة في القيادة يؤدي إلى التخبط في اتخاذ القرارات، وإهدار للوقت، وتراجع مستوى الإداء فبدلاً من العمل وفق رؤية واضحة، تصبح الإدارة عشوائية، تعتمد على الحدس والارتجال، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بين القادة ومرؤوسيهم ضمن الكوادر البشرية للمنظمة اوالمنظومة ، بالاضافة الى انتشار الإحباط بين العاملين فالمؤسسات والمنظمات والهيئات التي تُدار بهذه الطريقة تصبح غير قادرة على التقدم والمنافسة للصالح العام ،فيتراجع دورها، وربما يصل الأمر إلى سقوطها التام.

على المستوى الفردي، الشخص الغير المؤهل قد يملك نوايا حسنة، لكنه يفتقر إلى الأدوات والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح فالنوايا وحدها لا تكفي، لأن الإدارة يجب أن تعتمد على العلم، الخبرة، والتخطيط الاستراتيجي. فعندما يُوضع الشخص غير المناسب في مكان حساس، يتحول هذا الخطأ إلى سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي تؤثر على الجميع.

المثل هنا يُحذرنا بوضوح من مخاطر القرارات العشوائية، سواء في العمل أو في الحياة اليومية إنه دعوة للتأمل في أهمية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وفي كثير من الأحيان، يكون الفشل نتيجة طبيعية لسوء اختيار القادة والمسؤولين فالمؤسسات والهيئات الناجحة تدرك أن الكفاءة ليست خياراً بل ضرورة لضمان الاستمرار والاستقرار وتحقيق الأهداف.

لذا، “جاجة حفرت على راسها عفرت” ليس مجرد مثل عابر، بل درس عميق يذكرنا بأن المسؤولية لا تُعطى إلا لمن يستحقها، وأن الإخفاقات الكبيرة تبدأ دائماً بخطأ بسيط يتم تجاهله فالحكمة تكمن في التعلم من هذه الأخطاء، والعمل على بناء منظومة تقوم على الكفاءة، الخبرة، والتخطيط المدروس، لضمان مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً للجميع.

قد يعجبك ايضا