*فادي السمردلي يكتب:(صور يا مصور 📷 📷وعلي يا صحافة)العمل الحزبي بين الاستعراض والانجاز*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

في ظل الضجيج السياسي والخطابات الرنانة، تبرز الحاجة الملحّة إلى إعادة تعريف العمل الحزبي، بحيث لا يقتصر على الشعارات والوعود، بل يكون ممارسة مؤسسية تعكس احتياجات المواطن بشكل ملموس فالحياة السياسية لا ينبغي أن تظل حبيسة النظريات أو مجرد أداة للصراعات الانتخابية، بل يجب أن تتحول إلى منظومة منظمة يقودها عمل مدني فاعل، يحوّل الأفكار إلى مشاريع والخطابات إلى إنجازات.

وفي هذا السياق، لا حاجة لنا إلى قادة يلهثون خلف عدسات الكاميرات دون فعالية، بل إلى قيادات تضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات الشخصية وهنا، يصبح دور الصحافة والتوثيق المرئي جوهريًا، ليس لتجميل الواقع أو تبرير الإخفاقات، بل لمراقبة الأداء السياسي ونقده بموضوعية، بما يضمن شفافية العمل العام وفعاليته.

إن التحدي الأكبر الذي يواجه العمل الحزبي اليوم هو ابتعاده عن روح المبادرة الميدانية، وتحوّله إلى خطاب عامٍ يفتقر إلى الخصوصية، وإلى رؤيةٍ تلامس هموم الناس فكثيرٌ من الأحزاب تتعامل مع “الخدمة العامة” كمهمة ثانوية، بينما تُحوّل جلَّ طاقتها إلى معارك كلامية أو تكتيكات انتخابية وهذا الابتعاد يخلق فجوةً بين القيادات الحزبية والمواطن، الذي لم يعد يرى في العمل الحزبي سوى أداةً للوصول إلى السلطة، ولتجاوز هذه الأزمة، لا بد من تفعيل دور المنظمات والهيئات المدنية التي تعمل كجسرٍ بين الخطاب السياسي والواقع الاجتماعي، عبر برامج تنموية تعالج البطالة، وتُحسّن الخدمات الصحية، أو تُعزز البنية التحتية.

لا يكفي أن تتبنى الأحزابُ أفكارًا تقدّميةً في وثائقها فالمطلوب أن تتحول هذه الأفكار إلى سياسات قابلة للتطبيق، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، التي تملك الخبرةَ الميدانيةَ والشبكاتِ المحليةَ اللازمة فالهيئات المدنية، باختلاف تخصصاتها، هي من يُترجم الطموحات إلى مشاريع، عبر آليات تشمل الدراسات الاستقصائية، والحوار مع الفئات المهمشة، ومراقبة تنفيذ المبادرات وهذا التعاون يمكن أن يحوّل الأحزابَ من كياناتٍ نخبويةٍ معزولة إلى فاعلٍ رئيسي في التنمية، شرط أن تلتزم بالشفافية، وتخضع للمحاسبة المجتمعية.

المطلوب ان يكون دور الصحافة والتصوير ان يكونا شريكين استراتيجيين في هذه المعادلة فالصحافة ليست ناقلًا للأخبار فحسب، بل رقيبٌ على الأداء، ومُساهمٌ في تشكيل الوعي الجمعي أما التصوير، فهو لغةٌ عالميةٌ توثّق قصص النجاح والإخفاق، تُظهر وجهًا آخر للواقع قد لا تُدركه الخطابات السياسية فعندما تُسلط الكاميراتُ الضوءَ على مشروع مياه ناجح في قرية نائية بفضل تعاون حزبٍ مع منظمة محلية، أو عندما تكشف التحقيقات الصحفية عن تقصيرٍ في تنفيذ وعود انتخابية، فإنها تدفع نحو ثقافة المساءلة، وتُعيد الاعتبار للعمل العام كخدمةٍ وليس كمصدرٍ للامتيازات.

غير أن هذا المشروع الوطني لا يتحقق إلا بقيادةٍ حزبيةٍ تؤمن بأن السلطةَ مسؤوليةٌ قبل أن تكون امتيازًا، وترفض أن تحصر نفسها في الصراعات الداخلية أو التحالفات الظرفية فالقيادةُ الحقيقيةُ هي التي تخرج من مكاتبها الفاخرة إلى الأحياء الشعبية، تسمع همومَ المواطن مباشرةً، وتعمل مع الشباب والمتطوعين في تصميم الحلول إنها قيادةٌ تدرك أن الوطنَ لا ينهض بخطاباتٍ حماسية، بل بإصلاح التعليم، ودعم الابتكار، وهي مهامٌ لا تقوم إلا بشراكةٍ ثلاثيةٍ بين الأحزاب، والمنظمات المدنية، والإعلام الواعي.

في الختام، الوطنُ ليس شعارًا يُردد، ولا منصةً للاستعراض فالنهوض به يحتاج إلى عملٍ يوميٍ متواصل، تقوده أحزابٌ تتحول من “نوادي خطابية” إلى أدوات تغيير، بدعمٍ من مؤسساتٍ مدنيةٍ قوية، وإعلامٍ حرٍ يرفض التطبيل ويكشف الحقيقة فالصورةُ التي نريدها للعمل الحزبي ليست صورةَ الزعيم الواقف على المنصة، بل صورةُ طفلٍ يحمل كتابًا في مدرسةٍ بنيت شراكةٌ بين حزبٍ وهيئةٍ أهلية، أو صورةُ شارعٍ مكتظٍ بالمشاريع الصغيرة بتمكينٍ من مبادراتٍ مجتمعية فهذه هي الصور التي تستحق أن يُخلّدها المصور، وأن تُروى قصصها بالصحافة، فبهما يُبنى الوطن.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.