سوريا بعد النظام الدموي البائد
الدكتور هاني محمود العدوان …
بعد عقود من الظلم والقهر، يحدونا الأمل بأن يستيقظ الشعب السوري على فجر جديد، فجر البناء والمصالحة، بعد سقوط النظام الذي جثم على صدورهم لنصف قرن
لقد خلف هذا النظام وراءه سنوات من الحرب والدمار، لكننا نؤمن بأن الشعب السوري قادر على تجاوز هذه المحنة، وأن لا تدع هذه السنوات المريرة ندوباً تعمق الانقسامات وتثير الفتن
المهمة الآن هي بناء سوريا جديدة، سوريا موحدة متماسكة، وهذا لن يتحقق إلا بالمصالحة الوطنية الشاملة، مصالحة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتتجاوز الخلافات السياسية والدينية والعرقية
إن المصالحة لا تعني نسيان الماضي، بل تعني مواجهته بشجاعة وشفافية، والتعلم من أخطائه، والتركيز على بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة
فبناء سوريا الجديدة مهمة ضخمة، تتطلب جهودا مضنية في كافة المجالات، إعادة بناء البنية التحتية، وإنعاش الاقتصاد، وتوفير الخدمات الأساسية، وتعزيز المؤسسات الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، ونشر ثقافة التسامح والحوار
الشعب السوري يملك من الكفاءات والقدرات ما يؤهله لتحقيق هذا الهدف، كما أن هناك دعما دوليا متزايدا لمساعدة سوريا على تجاوز محنتها
وفي هذا السياق، تأتي المبادرة الأردنية، التي تجسدت في اجتماع عمان لدول الجوار السوري ، كخطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار في هذا البلد الذي يمثل استقراره استقرارا للمنطقة بأسرها
لقد أسفر اجتماع عمان عن توافق حول أجندة للمحادثات، تشمل عدة ملفات حيوية ، الوضع الإنساني، والوضع الأمني، والوضع السياسي، وقضايا اللاجئين ودعم جهود إعادة بناء سوريا على أسس تحفظ وحدتها وسيادتها، وتمكنها من التخلص من الإرهاب والجماعات المسلحة
و يجب على السوريين استغلال هذه الفرصة التاريخية، والعمل معا لتحقيق المصالحة الوطنية، وبناء سوريا الجديدة، سوريا التي تحترم حقوق جميع أبنائها، وتضمن لهم حياة كريمة وآمنة
إن جهود الدول المجاورة لسوريا في هذا الصدد تستحق التقدير، ونتطلع إلى جهود مماثلة من دول داعمة للمساهمة في إعادة الإعمار، فالاستقرار في سوريا هو مصلحة مشتركة للجميع