إسرائيل تواصل الهجمات ضد غزة.. والحصار يهدد الأمن الغذائي لـ2,4 مليون مواطن
شبكة الشرق الأوسط نيوز : على وقع تشديد إجراءات الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وتجديد جيش الاحتلال الحديث عن خططه بخصوص توزيع المساعدات على سكان القطاع، تواصلت الهجمات العسكرية على عدة مناطق في القطاع، أسفرت عن سقوط ضحايا.
هجمات عسكرية
وأصبب شاب برصاص الاحتلال في محيط دوار الشهداء، في مخيم البريج وسط قطاع غزة، وجاء ذلك في وقت فتحت فيه قوات الاحتلال نيرانها الرشاشة على المناطق الحدودية الشرقية لوسط القطاع، إضافة إلى قيام الآليات المتوغلة على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس، بإطلاق النار صوب الأحياء القريبة.
أما في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، فقد شرعت آليات الاحتلال التي تحتل “محور فيلادلفيا“، بإطلاق النار على عدة أحياء في المدينة، وذكرت مصادر محلية أن جيش الاحتلال أطلق النار وقنابل صوتية من الدبابات التي تحتل المحور، على حيي تل السلطان والسعودي غربي المدينة، كما قصفت دبابات إسرائيلية مخيم الشابورة وسط المدينة.
وفي سياق قريب، قامت طواقم الدفاع المدني وبمشاركة أهالي الضحايا، بانتشال جثامين شهداء دفنوا خلال الحرب في باحات مستشفى الشفاء، ضمن المقابر الجماعية، وجرى نقلها إلى أماكن دفن أخرى، لإعطاء المجال أمام الطواقم الطبية لإقامة مرافق صحية في تلك الأماكن.
وكان العشرات من المواطنين دفنوا في باحات المشفى خلال حصاره واقتحامه من قبل جيش الاحتلال، وقد سقط هؤلاء جراء قصف طال المستشفى وآخرين أعدموا ميدانيا من قبل الاحتلال.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن استقبال مشافيها 9 شهداء (7 انتشال، وشهيدان جديدان)، و14 إصابة، خلال الـ24 ساعة الماضية، وأشارت إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 48,524 شهيدًا و111,955 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
خطة إسرائيلية للمساعدات
وترافق ذلك مع استمرار جيش الاحتلال في تشديد إجراءات الحصار على قطاع غزة، بشكل فاقم من مأساة السكان، خاصة مع النفاذ اليومي للعديد من السلع الغذائية والأدوية.
وقد كانت سلطات الاحتلال قررت بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، يوم الأحد قبل الماضي، فرض حصارا محكما على القطاع، منعت خلاله دخول أي سلع أو مساعدات للسكان المحاصرين، وهو أمر انعكس على سكان القطاع، بعد أن طال كل مظاهر الحياة.
ورغم الانتقادات الدولية لتشديد إجراءات الحصار، ورفض ما قامت به إسرائيل، باعتباره يدخل في نطاق “الجرائم ضد الإنسانية”، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن حكومة إسرائيل، أبلغت محكمة العدل العليا، بأنها لم تنتهك القانون الدولي بوقف المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة، وأنها طالبت بعدم تدخل المحكمة في هذا الشأن.
وجاء ذلك في وقت كشف فيه رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال إيال زامير، بأنه سيحري تغييرا جوهريا في عملية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وأن جيشه سيتولى بنفسه عملية التوزيع في القطاع، أو يشرف عليها عن قرب.
وهذه الخطة وضعها جيش الاحتلال خلال فترة الحرب، لكنه لم يقم بتنفيذها خاصة بعد التوصل إلى اتفاق المرحلة الأول من وقف إطلاق النار، ويتم ذلك عن خطط عسكرية لتشديد إجراءات الحصار على القطاع، بشكل يفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعاني منها سكان غزة منذ بدء الحرب.
فقدان الطعام وتوقف الخدمات
وفي هذا السياق، أكد الناطق باسم حركة “حماس” عبد اللطيف القانوع، أن الأيام القليلة القادمة، ستشهد فقدان لعدد من المواد الأساسية والسلع الغذائية في قطاع غزة مما يزيد معاناة السكان ويفاقم أزمتهم، وقال في تصريح صحافي، “إن سكان قطاع غزة يعانون حصاراً مشدداً للأسبوع الثاني ويمنع الاحتلال إدخال الغذاء والدواء والوقود والمواد الأساسية للسكان في جريمة تجويع جديدة”.
وشدد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه قطاع غزة، وحذر من أن عدم القيام بذلك يعني أن سكان غزة سيعانون من المجاعة مجدداً في شهر رمضان.
وطالب وسطاء التهدئة بـ”ممارسة مزيد من الضغط على الاحتلال لفتح المعابر وتدفق المساعدات الإنسانية ووقف سياسة العقاب الجماعي بحق شعبنا”.
وبسبب طول مدة الحصار المشدد، ومنع إدخال أي سلع بما فيها الوقود، أعلنت بلدية رفح عن التوقف التام لخدمات فتح الشوارع وترحيل الركام، وقالت إن مولدات آبار المياه أصبحت مهددة بالتوقف التام بسبب نفاد الوقود واستمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة السكان.
وحذرت من أن المدينة المنكوبة “تعيش أوضاعًا مأساوية غير مسبوقة”، لافتة إل أن عشرات الآلاف من السكان يواجهون خطر العطش وانتشار الأوبئة، مع تصاعد أزمة المياه، في ظل شلل تام للخدمات البلدية الأساسية وتدمير البنية التحتية.
الاحتلال يقر خطة جديدة للمساعدات وأزمة الحصار تهدد بتفشي الأمراض والمجاعة
وقالت إنها بذلك كل الجهود الممكنة للحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات رغم الدمار الكبير، وأضافت “إلا أن نفاد السولار يهدد بتوقف تشغيل آبار المياه بالكامل، مما يفاقم معاناة السكان المحاصرين الذين يعتمدون على هذه المصادر المحدودة في ظل الحصار الخانق”.
وقالت إن المدينة التي تحولت إلى “مدينة منكوبة بسبب الحرب والتشريد”، تواجه الآن خطرًا مضاعفًا بحرمانها من أبسط مقومات الحياة، وعدم إيجاد حلول عاجلة قد يؤدي إلى كارثة لا يمكن تداركها، ودعت المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية إلى تحرك فوري لإنقاذ المدينة وسكانها من المصير القاتم الذي يتهددهم.
وإلى جانب اختفاء الكثير من السلع الغذائية من الأسواق، خاصة الخضروات والفاكهة، فإن هناك خطر أكبر يكمن في توقف عمل المخابز، ونفاذ مخزون المساعدات الغذائية التي يساهم بشكل كبير في تقليل مساحة المجاعة في قطاع غزة، حيث حذر أصحاب مخابز بتوقفها خلال فترة قريبة، في حال لم يجري إدخال الدقيق والوقود.
تهديد الأمن الغذائي
وفي السباق، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن حصار إسرائيل الجديد يمثل “تصعيد خطير واستمرار لسياسة العقاب الجماعي”، وأنه تسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية والكارثية في جميع القطاعات الحيوية، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية.
وأوضح أن هذا الإغلاق أدى إلى تعطيل إدخال الوقود وغاز الطهي، ما تسبب في توقف عشرات المخابز عن العمل، مما يهدد الأمن الغذائي لأكثر من 2,4 مليون إنسان فلسطيني في قطاع غزة يعانون أصلاً من ظروف معيشية قاسية بفعل الحرب وتداعياتها والحصار، لافتا إلى أن منع إدخال المواد الأساسية، في ظل أوضاع إنسانية متدهورة، “يرقى إلى جريمة خنق جماعي تمارسها قوات الاحتلال بسبق الإصرار والترصد، مستهدفة حياة الأبرياء ومفاقمة المعاناة الإنسانية”.
وأشار إلى أن سياسة الإغلاق الممنهجة ومنع إدخال الوقود لم تتوقف عند حد تعطيل المخابز والمؤسسات الحيوية، بل تسببت في شللٍ كاملٍ لقطاع المواصلات، مما أدى إلى تعطيل حركة المواطنين وشلّ قدرتهم على الوصول إلى المستشفيات والمراكز الطبية، وحرمان آلاف المواطنين والموظفين والعمال من الوصول إلى مصالحهم وأماكن عملهم، مبينا أن الحصار الخانق لم يترك مجالًا للحياة الطبيعية في غزة، وحول القطاع إلى “سجنٍ كبير، يُحاصر فيه الإنسان في أبسط حقوقه الأساسية”، مؤكدا أن هذه الجريمة المركبة تُضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالانتهاكات.
وحذر من التداعيات الكارثية لهذا الإغلاق، وطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية بالتحرك الفوري للضغط على الاحتلال من أجل فتح المعابر بشكل عاجل ودون قيود، والسماح بدخول الوقود ومواد الإغاثة، وقال “إلا فإننا أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة ستكون وصمة عار على جبين العالم الصامت أمام هذه الجرائم”.
وأضاف “لن نقبل أن يُترك شعبنا الفلسطيني يواجه الموت جوعًا وبردًا ومعاناةً، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والقانونية تجاه هذه الجريمة المستمرة”.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إنه بسبب توقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة “يتواصل تراجع التقدم المهم الذي تحقق خلال الأسابيع الستة الأولى بعد بدء وقف إطلاق النار”، مؤكدا أن الناس في أنحاء غزة، يجدون صعوبات متزايدة في إيجاد ما يكفي من الطعام والماء والخدمات الصحية وغير ذلك من مستلزمات حيوية.
ونقل موقع الأمم المتحدة عن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، قوله إن النظام الطبي يتقدم في غزة بشكل بطئ، وأن 16% فقط من نقاط الخدمات الطبية في محافظة شمال غزة لا تزال تعمل، إما بشكل كامل أو جزئي، ويشمل ذلك 3 من بين 5 مستشفيات، و6 من بين 50 نقطة طبية و4 من أكثر من عشرين مركزا طبيا.
وأشار كذلك إلى وجود تحديات كبيرة بخصوص جمع النقابات، وقال إن تكدسها يؤدي إلى ظروف غير صحية ويزيد من المخاطر على الصحة العامة.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.