العقبات والصعوبات ألتي تواجه المفاوضات الأميريكية ـــ الإيرانية للوصول إلى إتفاق أشمل وأقوى في الملف النووي

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات ….

 

أن رد إيران على سياسة الضغط ألتى ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمكن تفسيره في سياق أنها تعد إذا دخلت في مفاوضات في ظل فرض الطرف الآخر أقصى قدر من الضغط، فإنها ستكون دخلت المفاوضات من موقع منخفض وضعيف فلن تحقق شيئاً، وتبقى المعضلة الأخرى هي أن إيران لا تريد أن تتفاوض تحت ضغط، طهران وفقاً لمنطق الصبر الإستراتيجي وسياسية النفس الطويل في العمل الدبلوماسي ماطلت مع إدارة جو بادين ولم تكن تنوي أن تبرم إتفاقاً خلال إدارته، وكانت على وشك أن تبرم الأتفاق مع إدارة ترمب، القضية الآن أنها لا تريد التفاوض وهي في موقف ضعيف فتقدم كثيراً من التنازلات، وتدرك إيران أن عليها أن تكون قوية في مواجهة ترمب حتى يمكنها التفاوض بشروط أفضل، فهي تعد أن هذه طريقة ترمب في التفاوض، سواء مع أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية أو مع الأعداء، ما لم ير أنهم أقوياء، ومن خلال متابعتي للشأن الإيراني وتتبع سياق العلاقات الأميركية والإيرانية والجهود السياسية المتداولة الآن يمكن الوصول إلى ملاحظتين :
الأولى هي أن دونالد ترمب هو من سيعمل على إتمام إتفاق أقوى وأشمل ولا يتضمن المسألة النووية فقط، بل يتعداه إلى سلوك طهران الإقليمي ودعم العناصر المسلحة وربما منظومة الصواريخ الباليستية والمسيرات، وثانيا : كما يبدو أيضا بأن التوصل إلى إتفاق بين إيران وواشنطن أقترب، حيث تتكثف الجهود السياسية والدبلوماسية والضغوط في نفس الوقت في شأن المسألة النووية الإيرانية، وعلى الرغم من إعلان طهران رفض التفاوض مع دونالد ترمب تحت الضغط فإنها تسير في مسارات ثلاثة متوازية في شأن المسألة النووية، الأول هو المراسلات المعلنة بينها والإدارة الأميركية، والثاني هو المحادثات مع الصين وروسيا، والثالث هو المحادثات مع القوى الأوروبية، أما بالنسبة إلى المسار الأول، فقد كان رد إيران على رسالة دونالد ترمب إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي جاء رد السيد خامنئي رافضاً التفاوض مع الرئيس الأميركي، معتبراً أنه خدعة للرأي العام، وأنهم يثيرون توقعات جديدة لن تتمكن إيران بالتأكيد من تلبيتها، لا تفعلوا كذا وكذا من الأشياء في شأن قدرات البلاد الدفاعية وقدراتها الدولية، يمكن النظر إلى أن هدف ترمب من الإعلان عن الرسالة بصورة معلنة قبل وصولها إلى إيران هو رغبته في إظهار واشنطن كمدافع عن الدبلوماسية، وإلقاء الكرة التفاوضية في ملعب إيران، لكن بالنظر إلى الرسالة أعتبر وزير الخارجية الروسي والذي من المحتمل أن تقوم بلاده بدور الوسيط بين واشنطن وطهران، إذ تمهد وتهيئ الأجواء بينهما من أجل التفاوض، وكان قد قال لافروف بأن الأميركيين يريدون أن يكون هذا الأتفاق الجديد مصحوباً بشروط سياسية، ويصرون على أنه ينبغي أن يكون هناك ترتيب يمكن التحقق منه لعدم دعم إيران للمجموعات في العراق ولبنان وسوريا وأي مكان آخر، وهو ما لا أعتقد أنه سيؤدي إلى أي شيء، مما يتضح بأن هناك تحديات أمام المسار المرتبط بإيران وواشنطن، فإيران ستعمل على أن تكون منظومة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة خطاً أحمر لا ينبغي المساس بها، في حين أن ترمب يريد إتفاقاً أشمل وأقوى، ويبقى الأمر لا يتعلق بالعناد أو المثالية، بل يتعلق بالخبرة، كما يجب أن نثبت للطرف الآخر بأن سياسة الضغط غير فعالة حتى نتمكن من الجلوس إلى طاولة المفاوضات على قدم المساواة، ربما ما تحتاج إليه إيران أن تفهم ما هو نوع الأتفاق الذي تتطلع إليه إدارة ترمب، أما المسار الخاص بروسيا والصين فمن جهة أبدت روسيا أستعدادها للوساطة بين واشنطن وطهران، وأكد لافروف دعم موسكو لإحياء الأتفاق التاريخي الذي وقعته إيران عام 2015، ويأتي هذا عشية إجتماع في الصين بين مسؤولين إيرانيين وروس وصينيين، ويأتي بعد مناورات بحرية مشتركة بين الدول الثلاث، أما الصين فقد كانت قدأعلنت بأنها ستستضيف إجتماعاً مع روسيا وإيران في بكين لمناقشة البرنامج النووي الإيراني على مستوى نواب وزراء الخارجية، ويأتي الإجتماع في وقت تواجه فيه إيران تدقيقاً متجدداً في شأن برنامجها المتوسع لتخصيب اليورانيوم، وفي نفس الوقت من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي خلال الساعات القادمة جلسة مغلقة في نيويورك لمناقشة مخزون إيران المتزايد من اليورانيوم المخصب إلى مستويات تقترب من مستويات الأسلحة، وجاء هذا الإجتماع بناء على طلب فرنسا واليونان وبنما وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، كما كانت قد دعت المجلس إلى إجبار إيران على الوفاء بالتزاماتها بتقديم معلومات عن برنامجها النووي، أما المسار الثالث فهو إجراء محادثات مع الدول الأوروبية، فقد تم إنشاء قناة للتواصل في ثلاث دول أوروبية، وتعمل إيران مع رفائيل جروسي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهناك فكرة جديدة لحل القضايا، ويقال بأن الأوروبيين هم من كانوا قد لعبوا دور الوسيط الجيد في الجولة الماضية، ويمكنهم الآن لعب أدوار أخرى أيضاً، كما أن المفاوضات مع الأوروبيين تتواصل وبالتوازي مع ذلك، كما ستستمر المشاورات الوثيقة مع روسيا والصين، وتبقى إيران تحاول في الوصول إلى إتفاق مع ترمب لكنها تريد إتفاقاً شبيهاً بإتفاق عام 2015 يقتصر على الملف النووي فحسب، ولا يتناول السلوك الإقليمي أو الصواريخ الباليستية وقبل كل شيء، لا بد أولاً أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات لكي تدخل طهران المفاوضات المباشرة على قدم المساواة، وهي تشعر بأنها خالية من الضغوط والتهديدات، وتدرك طهران بأن عليها أن تكون قوية في مواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حتى يمكنها التفاوض بشروط أفضل، ويبدو أن التوصل إلى إتفاق بين إيران وواشنطن قد أقترب.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.