*فادي السمردلي يكتب:الصيام الحقيقي تهذيب للنفس وإصلاح للسلوك*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
الصيام محطة سنوية تعيد الإنسان إلى جوهره الروحي والأخلاقي، حيث يصبح الصيام وسيلة لتهذيب النفس وتهذيب السلوك، وليس مجرد طقس يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب إن فلسفة الصيام الحقيقية تتجلى في كونه تمرينًا على الانضباط الذاتي، ودرسًا في الصبر والتحكم في الرغبات، وهو في جوهره فرصة لإعادة بناء الإنسان على قيم الصدق والنزاهة والعدالة ولكن المعضلة الكبرى تكمن في أولئك الذين يصومون عن الطعام، بينما تبقى ألسنتهم وأفعالهم متورطة في الكذب والنفاق والخداع، خاصة حين يكونون في مواقع متقدمة في القيادة والمسؤولية في منظومات العمل فما قيمة الامتناع عن الطعام إذا كان المسؤول يوزع الوعود الكاذبة، أو يستخدم سلطته لمصالحه الشخصية، أو يمارس المحسوبية بدلًا من تطبيق مبادئ العدالة؟
إن العمل، بمختلف أنواعه ومستوياته، لا ينهض بالأشخاص الذين يحترفون المجاملات على حساب الحق، أو الذين يتخذون القرارات بناءً على أهوائهم لا على معايير الكفاءة فكما أن الصيام يعلم الإنسان ضبط غرائزه، يجب أن يكون أيضًا مدرسة لتدريب القيادات على ضبط ممارساتهم الإدارية والأخلاقية، بحيث لا يكون الامتناع عن الطعام مجرد غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق بيئة عمل أكثر شفافية وعدالة فالقائد أو المدير الذي يلتزم بالصيام ولكنه يستمر في خلق بيئة عمل قائمة على التملق، وإقصاء الكفاءات، وقلب الحقائق وفقًا لمصالحه، لا يكون قد أدرك المعنى الحقيقي للصيام فالمجتمعات لا تتطور حين يصوم مسؤولوها عن الطعام فقط، بل حين يصومون عن التلاعب بالقرارات، واقصاء من يعارضهم وتشويه سمعتهم ويجعلون من الصيام أداة لإصلاح أنفسهم قبل مؤسساتهم.
إن صيام الجسد يجب أن يكون متلازمًا مع الصيام عن كل ما يقتل روح العمل، ويضعف الإنتاجية، ويدمر الثقة بين الأفراد فالمؤسسات والمنظمات الناجحة لا تُبنى على أشخاص يمارسون النفاق الإداري، ويجيدون تغليف مصالحهم الشخصية بشعارات زائفة، بل تُبنى على النزاهة التي تجعل من المسؤول نموذجًا حقيقيًا في الصدق والشفافية والعمل الجاد ولذا، فإن زمن الصيام ليس مجرد موسم للعبادة، بل هو فرصة لإعادة تقييم الأخلاقيات والسلوكيات المهنية، وفتح باب الإصلاح الذاتي، بحيث يكون الامتناع عن الظلم والخداع والتخاذل هو الصيام الحقيقي، لا مجرد الامتناع عن الطعام.
في الختام إن الصيام الحقيقي ليس مجرد طقس موسمي نمارسه لأسابيع معدودة ثم نعود إلى سابق عهدنا، بل هو التزام أخلاقي يجب أن يستمر طوال العام فالصائم الحق ليس من يجوع بطنه فقط، بل من يجوع قلبه عن الحقد، ولسانه عن الكذب، ويده عن الظلم.
ما أحوجنا اليوم إلى أن نجعل من الصيام فرصة حقيقية للإصلاح، ليس فقط على المستوى الفردي، بل على مستوى المجتمع ككل وليكن الصيام بداية لعهد جديد، نتخلص فيه من العادات السيئة، ونتبنى قيماً ترتقي بنا نحو الأفضل فالوطن لا يبنيه الصائمون عن الطعام فحسب، بل يبنيه الصائمون عن الفساد، عن الظلم، عن الكسل، عن التخاذل، وعن كل ما يعطل مسيرة النهضة والعدالة.
لنجعل من الصيام درسًا في الصدق والشفافية، منهجًا في العمل الجاد، وسبيلاً لإعادة بناء أنفسنا ومجتمعنا على أسس قويمة فالإصلاح يبدأ من الداخل، وحين ينهض الأفراد بالقيم الحقيقية للصيام، ستنهض المؤسسات، وسينهض الوطن بأسره.