*رفح تحت الركام.. وأنتم تحذّرون من المطر..*
محمود الدباس ….
رفح ليست على موعد مع كارثة..
رفح تغرق بها منذ زمن.. وأنتم لا زلتم تعزفون على وتر التحذير.. وكأن الدماء تنتظر الإذن لتسيل..
غزة تُدفن حيّة كل يوم.. ثم تأتون أنتم بكلمات باردة تقولون إن الكارثة “قد تقع”؟!.. أي عبثٍ هذا؟!.. وأي قسوة تليق بقلوب لا تنبض.. إلا ببيانات خالية من الروح؟!..
منذ شهور والسماء تمطر ناراً.. والأرض تبتلع البيوت والناس والأنفاس.. فأي كارثة تنتظرونها بعد؟!.. أن تُمحى المدينة من الخارطة؟!.. أن تُخرس حجارتها؟!.. أن تُطفأ عيون الأطفال قبل أن تكتمل ضحكاتهم؟!..
خمسون ألفاً ويزيد.. وأغلبهم أطفال..
لم يعودوا أرقاماً.. بل صرخةٌ في ضميرٍ غائب.. وسبعون بالمئة وزبادة.. من المدينة سُحقت.. فهل الكارثة لا تُحتسب.. إلا إن وصلت مئة بالمئة؟!.. المستشفيات لفظت أنفاسها.. والأطباء يعالجون الألم بالبكاء.. والأدوية تُباع بالأمل.. والطعام يُهرّب في الدعاء.. فأي حياةٍ تبقّت لتخافوا عليها من الموت؟!..
رفح ليست حكايةً قابلة للتأجيل..
ولا غزة شاشة تنتظر بث الخبر الأخير..
رفح تنزف.. وغزة تموت.. وأنتم تحاولون إقناعنا أن هذا مجرد تمهيد لما هو قادم؟!..
كفى..
كفى تلميعاً للخراب.. وتجميلاً للمجزرة..
كفى خيانةً للغة التي يفترض أن تنقل الحقيقة.. لا أن تزيّنها..
كفى صمتاً مغموساً في الحذر.. والخذلان.. والادعاء بالإنصاف..
ما يحدث ليس تحذيراً.. بل وقوع فعلي لجريمة كبرى..
رفح الآن ليست على شفا كارثة.. بل تحت ركامها..
وغزة لا تنتظر خلاصاً.. بل تنتظر من ينطق بالحقيقة كما هي..
إبادةٌ كاملة.. لا يُخفيها مصطلح.. ولا تُلطّفها هيئة..
وسكوت العالم.. ليس جهلاً.. بل تواطؤ مقصود..
*اكتبوا الحقيقة كما هي.. أو اصمتوا.. فما عاد في القلب متسعٌ لتحذيرٍ كاذب.. ولا في الذاكرة مكانٌ لكلماتكم الباهتة..*
وهل بعد هذا كله.. ستبقى الهيئات الدولية تحذر من وقوع الكارثة؟!..
محمود الدباس – أبو الليث..
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.