*فادي السمردلي يكتب :الحية ما تعض بطنها*

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
بنطبق المثل الشعبي “الحية ما تعض بطنها” على بعض الأحزاب في العالم (أبعدهم الله عنا وعن الأردن) والذي يحمل دلالة عميقة على الغريزة الطبيعية التي تدفع الكائنات لحماية نفسها وأقرب الدوائر إليها وعند إسقاط هذا المثل على واقع بعض الأحزاب السياسية والهيئات في العالم (ابعدهم الله عنا وعن 🇯🇴☝️)، يتضح أنه يعكس ظاهرة واضحة في المشهد السياسي والاجتماعي فالقادة الذين يتجنبون محاسبة الموالين لهم، حتى وإن كانت ممارساتهم تضر بالمبادئ الديمقراطية والشفافية التي يفترض أن يلتزموا بها هذه السلوكيات تسلط الضوء على أزمة عميقة في بنية هذه المؤسسات، حيث تُقدَّم المصالح الشخصية والحزبية الضيقة على المصلحة العامة، ويتم التضحية بالمبادئ والقيم من أجل حماية الولاءات.

في الأحزاب السياسية، يُفترض أن تكون المبادئ الديمقراطية أساس العمل، بحيث يتم محاسبة الجميع بغض النظر عن مكانتهم أو ولائهم ولكن الواقع هناك يثبت العكس فبعض قادة الأحزاب يفضلون غض الطرف عن تجاوزات أو إخفاقات الموالين لهم، سواء كان ذلك في القرارات التنظيمية، أو الأداء السياسي، أو حتى الالتزام الأخلاقي بمبادئ الحزب وهذا السلوك ينبع بحجة الخوف من تفكك الحزب، أو خسارة الدعم الداخلي، أو حتى تهديد المناصب القيادية.

بدلاً من العمل على إصلاح الخلل ومحاسبة المسيئين، يعتمد بعض القادة استراتيجية التستر والتجاهل، معتبرين أن كشف الأخطاء الداخلية قد يضعف صورة الحزب أمام جماهيره وهذه السياسات تجعل الأحزاب تبدو كأنها كيانات مغلقة تحمي دائرتها المغلقة دون مساءلة، مما يُفقدها المصداقية الشعبية وعلى المدى البعيد، يؤدي ذلك إلى ابتعاد المواطنين عن الأحزاب وفقدان الثقة في قدرتها على تحقيق الإصلاح المنشود، مما يُضعف الحياة السياسية برمتها.

لا يقتصر هذا النمط على الأحزاب السياسية، بل يمتد إلى العديد من الهيئات والمنظومات في العالم سواء كانت مؤسسات أهلية أو اجتماعية ففي كثير من الأحيان، تُدار هذه الهيئات بطريقة تضع الولاء الشخصي أو الفئوي فوق الكفاءة والمبادئ ويتم اختيار الأعضاء القياديين بناءً على مدى قربهم من الإدارة الحالية او درجة ضعفهم ليكونواتحت السيطرة ، وليس بناءً على قدراتهم أو إيمانهم بالقيم التي تأسست عليها وعندما تحدث أخطاء أو إخفاقات، تُغلق الأبواب على النقد أو المحاسبة، بحجة الحفاظ على وحدة المؤسسة أو استقرارها.

هذه الهيئات، التي يُفترض أن تكون منارات للعمل المجتمعي، تتحول في بعض الأحيان إلى كيانات تعكس نفس المشكلات التي تعاني منها الأحزاب فعدم المساءلة، وغياب الشفافية، والمحاباة، تُضعف هذه المؤسسات وتجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات المجتمع أو تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها.
هذه الظاهرة ليست عشوائية، بل هي نتاج مجموعة من العوامل التي تتشابك لتؤدي إلى هذه النتيجة وأبرز هذه العوامل تشمل:

1. ضعف البنية الديمقراطية الداخلية فبعض الأحزاب تفتقر إلى آليات ديمقراطية حقيقية تمكن من محاسبة القيادات أو الموالين فالقرارات تُتخذ غالباً بطريقة مركزية، ولا يُسمح بالاعتراض أو النقد.

2. الخوف من الانشقاقات
فبعض قادة الأحزاب يخشون أن تؤدي المحاسبة إلى انقسامات داخل الحزب، مما يضعف مكانتهم ويهدد استمرارية الحزب.

3. ضعف الثقافة السياسية
فما زالت الثقافة السياسية في بعض الأحزاب قائمة على الولاءات الشخصية والعلاقات الفئوية، بدلاً من الالتزام بالمبادئ والقيم.

4. الحاجة إلى الاستمرار في السلطة فحماية الموالين تأتي غالباً ضمن سياق السعي للحفاظ على النفوذ والسيطرة داخل الحزب أو الهيئة، حيث يُعتبر هؤلاء قاعدة الدعم الرئيسية للقيادة فالسلوكيات القائمة على حماية الموالين دون اعتبار للمبادئ تؤدي إلى نتائج كارثية على المدى الطويل فهي تُضعف ثقة المواطنين في الأحزاب والهيئات، وتعمق الفجوة بين هذه المؤسسات والمجتمع كما أنها تُفشل أي جهود إصلاحية حقيقية، لأن التركيز ينصب على حماية النفوذ الداخلي بدلاً من العمل من أجل المصلحة العامة.

ففي هذه الحالة فإن تلك الأحزاب التي كان يُفترض أن تكون أدوات للتغيير الديمقراطي والإصلاح، تتحول إلى كيانات مغلقة لا تختلف كثيراً عن الهيئات التي تنتقدها أما الجمعيات والهيئات، فتحيد عن دورها التنموي والاجتماعي، لتصبح انعكاساً للممارسات السياسية السلبية ذاتها ولإحداث تغيير حقيقي، لا بد من إعادة هيكلة العمل الحزبي والمؤسسي ويجب أن تُعزز ثقافة المساءلة والشفافية داخل الأحزاب والهيئات، وأن تكون هناك آليات واضحة وديمقراطية تضمن محاسبة الجميع بغض النظر عن مكانتهم أو ولائهم كما يجب أن يتحلى قادة الأحزاب بالشجاعة لمواجهة الأخطاء، حتى لو كان ذلك على حساب استقرارهم الشخصي أو الحزبي المؤقت.

الثقة الشعبية لن تُستعاد إلا عندما يُثبت القادة أنهم ملتزمون بالمبادئ التي يدعون إليها، وأنهم مستعدون للتضحية بمصالحهم الشخصية من أجل الصالح العام فبدون هذا التغيير، ستظل الأحزاب والهيئات تعاني من العزلة والتراجع، وستبقى عبارة “الحية ما تعض بطنها” وصفاً دقيقاً لواقع مأزوم يحتاج إلى إصلاح جذري.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.