العالم يترقب هل أقترب الإتفاق بين واشنطن وطهران
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات …..
أن التفاوض مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يكون سهلاً بالنسبة إلى إيران على مستوى الإدراك النفسي، فمن جهة ترمب يُنظر إليه داخل إيران على إعتبار علاقة ثأر بينهما، على خلفية مقتل الشهيد قاسم سليماني، ومن جهة أخرى حال دخول إيران المفاوضات، فإنها ستتفاوض في مرحلة تراجع فيها نفوذها في سوريا وضعفت الأذرع الإقليمية ألتى تعتمد عليها في إستراتيجيتها الإقليمية وتمثل القوة الأساس لإستراتيجية إيران الدفاعية والمعروفة بالدفاع الأمامي، ولم تذكر إيران أنها تتفاوض، وأكد المسؤولون الإيرانيون أن طريق المفاوضات غير المباشرة مفتوح، لكن الواقع أن ستيف ويتاكر وترمب هما من أكدا أن المفاوضات غير المباشرة مع إيران جارية، ويمكن القول بأنه تزامناً مع إعلان إيران إستعدادها للمفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، كان قد أكد مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي ورئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران سيد كمال خرازي بأن إيران لم تغلق جميع المنافذ، لكنها مستعدة للمفاوضات غير المباشرة لتقييم الطرف الآخر وإعلان شروطه واتخاذ القرار المناسب، وكان قد صرح الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ورئيس مجلس الشورى الإيراني السابق علي لاريجانى بأن إيران أجرت دائماً محادثات غير مباشرة مع الأميركيين، ولذلك تنص الرسالة على أن طهران مستعدة لإجراء محادثات غير مباشرة، وإذا كانت المحادثات من موقف متكافئ، فهناك إستعداد لأتخاذ الخطوات التالية للمحادثات، لكن على الرغم من تأكيد لاريجاني سلمية البرنامج النووي الإيراني، فإنه لم يتردد في إظهار نوع من التهديد حال قُصفت إيران، فقال إن فتوى القيادة هي أننا لا نتجه نحو الأسلحة النووية، إيران لن تتجه نحو إمتلاك الأسلحة النووية إلا إذا أجبرتنا الولايات المتحدة على إتخاذ قرار آخر، وهو تصريح كان قد أُعلن منذ عام بأن إيران ستغير عقيدتها النووية حال قُصفت منشآتها من جانب إسرائيل أو واشنطن، ويبقى التصريح الأهم الذي يؤكد بأن إيران متيقنة من إبرام الأتفاق مع ترمب وهو ما قاله علي لاريجاني في مقابلة إخبارية خاصة، في إشارة إلى رسالة ترمب قد تكون لهذه الرسالة أسباب كثيرة، وحتى ترمب نفسه لديه السمات الشخصية ألتي تجعله يرغب في إنهاء كل شيء باسمه، وتتمتع إيران أيضاً بقدرة خاصة في هذه الأعوام، وهذا التصريح يبقى يؤكد أن إيران متيقنة من رغبة ترمب في إبرام إتفاق معها يسجل فيه باعتباره أتم الأتفاق الأهم الذى سيحجم قدراتها وسلوكها، وليس الإدارات السابقة، وكان قد قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة مع شبكة أن بي سي نيوز الأميركية وبلهجة تهديدية ضد إيران : إذا لم نتوصل إلى إتفاق مع إيران ولم نحصل على ضمانات بأنها لن تصنع أسلحة نووية، فسيُقصف هذا البلد، وتهديدات ترمب تأتي بعد إرسال طهران رداً على رسالته من خلال سلطنة عمان إذ تم تأكيد وفقاً للرئيس الإيراني رفض مسألة المفاوضات المباشرة بين الجانبين، معتبراً أن مسار المفاوضات غير المباشرة مفتوح، وشدد على أن إيران لم تتهرب قط من المفاوضات، وأن إخلال واشنطن بالوعود هو ما تسبب في مشكلات في هذا المسار، ويجب تعويضه واستعادة الثقة، وهنا تبرز المشكلة بين إيران وواشنطن وهى مسألة عدم الثقة، لذا تريد إيران أن تقول إن سلوك واشنطن هو ما يحدد إستمرار مسار المفاوضات، لكن من جهة أخرى فإن هذا تكتيك تفاوضي تتبعه طهران من أجل عدم تقديم تنازلات لا تريدها والحصول على المكاسب ألتي تريدها، وهو رفع العقوبات الجائرة المفروضة عليها، سبق وقد أعلن عميد الدبلوماسية الإيرانية وزير الخارجية عباس عراقجي “سياستنا لا تزال تتمثل في عدم التفاوض بشكل مباشر في ظل ظروف الضغوط القصوى والتهديدات العسكرية، لكن المفاوضات غير المباشرة، كما كانت موجودة في الماضي، يمكن أن تستمر”، وفي خلفية مقاربة ترمب المزدوجة نحو إيران تنساب تصريحات عدة من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، الرسالة ألتي تصل من الجانب الأميركي هي وجود رؤيتين داخل إدارة واشنطن بخصوص التعامل في شأن البرنامج النووي الإيراني، الممثل الخاص لدونالد ترمب للشؤون الخارجية ستيف ويتاكر وفيرميون وإيلون ماسك، ويمثلون رؤية أكثر توازناً وتوجهاً نحو الأقتصاد في ما يتصل بالقضية النووية الإيرانية، في حين يتبنى ماركو روبيو ومايك والتز وجهة نظر أكثر صرامة، لذا ربما يفسر وجود وجهتى نظر مختلفتين مقاربة ترمب ألتى تمزج بين التهديد بالعمل العسكري والدعوة إلى التفاوض، وهو ما يضفي حالاً من عدم اليقين على موقفه، ويجعل تصريحاته تبدو وكأنها تتغير من وقت إلى آخر، لكن في النهاية وعلى رغم وجهتي النظر المختلفتين داخل إدارته فإن ترمب هو من سيحسم الموقف تجاه إيران، ويبقى الأمر نفسه ينطبق على موقف إسرائيل، فقد ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق إلى إحتمال القيام بعمل عسكري إسرائيلي، مشيراً في الوقت نفسه إلى تفضيله الحل الدبلوماسي من خلال المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، لذا تبدو التصريحات الأميركية والإسرائيلية وكأنها مزيج من الضغط والفرصة ألتى على إيران أن تقرر موقفها في سياقها، أما على الجانب الآخر وهو التصريحات الإيرانية، فالرسالة ألتي يتم إيصالها هي الموافقة على مبدأ التفاوض لكن غير المباشر، ومع رفع العقوبات الظالمة لا تريد إيران أن تبدو وكأنها دُفعت دفعاً نحو التفاوض ومن ثم ستقدم تنازلات، تريد التفاوض من موضع قوة، وحفظ ماء وجهها أمام شعبها، ويبقى القول بأن رسائل إيران لترمب تعبر عن الإستعداد للتفاوض فقط حول برنامجها النووي بناء على إتفاق 2015 والإحترام المتبادل، ومعارضتها أية مفاوضات حول قدراتها الدفاعية والصاروخية، ولا يرى الرئيس الأميركى دونالد ترمب اليوم بـأن التفاوض والعمل العسكري خياران بديلان منفصلان تماماً، وإنما يبقى يعتقد بأن التهديد بالعمل العسكري قد يساعده على التوصل إلى إتفاق تفاوضي أفضل، لذا يظهر التلويح بالعمل العسكرى يسير جنباً إلى جنب مع دعوات التفاوض المباشر بين الطرفين، كماسبق القول فإن رسائل إيران لترمب هي أنها على إستعداد للتفاوض فقط حول برنامجها النووي بناء على اتفاق 2015 والإحترام المتبادل، ومعارضتها أية مفاوضات حول قدراتها الدفاعية والصاروخية، وتبقى مقاربة الرئيس الأميركي تمزج بين التهديد بالعمل العسكري والدعوة إلى التفاوض، حتى وإن كان التفاوض مع ترمب لن يكون سهلاً بالنسبة إلى إيران على مستوى الإدراك النفسي .
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.