*حينَ نُطفِئُ أوطانَنا ليحترقوا.. فيبتسمون..*
محمود الدباس ….
كنا نظن أن صرختنا ستوقظ الضمير.. وأن صدى أقدامنا في الشوارع سيهز جدران الغطرسة.. وتهوي له العروش.. وأن شعاراتنا المكتوبة على الكرتون ستصل إلى طاولة بايدن في ذاك الوقت.. وتُرعب ملامح نتنياهو.. كنا نحلم.. وربما صدقنا الحلم أكثر من اللازم..
الآن ترامب لا يُصغي.. والكيان لا يرتجف.. وهم حين يرون مسيراتنا.. لا يرون فيها تحدياً.. بل فرصة.. وحين يسمعون دعوات العصيان.. لا يرون فيها مقاومة.. بل مكافأة..
يُراقبوننا من علٍ.. ونحن نُوقف العجلة التي بالكاد تدور.. نُطفئ شمعة في وطننا.. علّها تُشعل ناراً هناك.. فلا تحترق سوى كفوفنا.. ولا يصيب الدخان إلا صدورنا.. أما هم.. فما زالوا يخططون.. ويبتسمون..
من قال إن إغلاق دكان بسيط في عمّان.. سيُربك أمن تل أبيب؟!.. ومن أقنعنا أن تعطل الحياة في السلط سيُقنع الكونغرس بالتراجع؟!.. وهل حقاً ظننا أن عصياناً في مدينة عربية سيُحرج جبين ترامب؟!.. ذلك الجبين الذي جفّ منه الحياء مذ سجد للدولار..
*في عزّ طوفان الأقصى.. خرجت آلاف الأصوات من شوارع نيويورك وباريس ولندن.. ملأت الشاشات واحتلت العناوين.. وهتف الملايين.. فهل توقّف القصف؟!.. هل اهتزت كراسي الظلم؟!.. لا شيء تغيّر.. سوى نبرة الصوت.. التي خفتت.. ثم اختفت..*
هم يعرفوننا جيداً.. يعرفون أننا نثور دون خطة.. ونغضب بلا أدوات.. وأننا نحرق وقتنا وجهدنا.. لنمنحهم فرصة ليرتاحوا من ضغط ملفاتهم.. *ويتابعوا فيلم الاحتجاج بصمت.. وربما بابتسامة خفية*..
هم يعلمون أن أقصى ما سنفعله هو الغضب.. وأقسى ما نُجيده هو العتاب.. *وأننا.. حين نُرهق أوطاننا.. نُريحهم.. وحين نُعطل مدارسنا وأسواقنا.. نُعزز روايتهم بأننا شعوب لا تعرف غير الفوضى*..
الدعم لغزة لا يُقاس بعدد الهتافات.. بل بعدد من يصنع الفرق في الميدان.. لا بعدد المحلات المغلقة.. بل بعدد المشاريع التي توصل الخبز لبيوت غزة.. لا بعدد العبارات في اللافتات.. بل بعدد الخطوات الصامتة التي تُربك حسابات العدو..
فلنُعد النظر في أشكال الدعم.. فلربما أصبح الخصم يتمنى عصياننا.. ويحتفل بإضرابنا.. لأنه بات واثقاً.. أن غضبنا لا يجرحه.. بل يُرضيه.. وأن احتجاجاتنا لا تُربكه.. بل تُريحه..
ونحن ما زلنا نُحاول إقناعه.. أننا نُهدده.. بالصراخ..
اللهم فاشهد.. اللهم قد بلّغت..
محمود الدباس – أبو الليث..
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.