*فادي السمردلي يكتب: يقول المثل (من قلة 🐎 شدوا على الكلاب 🐕 سروج)*

**بقلم: فادي زواد السمردلي**  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال**
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

*ماذا يعني المثل “من قلة الخيل شدوا على الكلاب سروج”؟*

يحمل هذا المثل الشعبي بين كلماته دلالات عميقة تتجاوز بساطته الظاهرة، ليكشف عن مشكلات اجتماعية وسلوكيات بشرية عرفتها المجتمعات عبر العصور.

في تفسيره البسيط، يصور المثل واقعاً يحدث حينما يغيب الخيار الأصلح – الخيول الأصيلة – فيلجأ الناس، إما اضطراراً أو قلة وعي، إلى الاعتماد على بدائل أقل كفاءة – الكلاب – معتقدين أن بإمكان التجميل الظاهري أن يغطي النقص ومع ذلك، يبقى الجوهر كما هو، فالسرج، المصمم لظهر الخيول القوية، حين يوضع على كلب، لا يزيده نبلاً، بل يكشف ضعف الحال بشكل أوضح.

إنه مثل لا يتحدث فقط عن غياب البدائل الأفضل، بل عن أزمة أعمق حين تُسند المهام والمسؤوليات لمن لا يملكون الأدوات ولا القدرات المناسبة.

في تفاصيل الحياة اليومية، تتجسد معاني هذا المثل اذا رأينا منظومات تدار بغير ذوي الكفاءة، أو مشاريع مهمة تُسند إلى من تنقصهم الخبرة والرؤية فليست المشكلة دوماً في فقدان الكفاءات، بل كثيراً ما يكون الخلل في معايير الاختيار نفسها، حين تقدم الولاءات والعلاقات الشخصية على الكفاءة والجدارة.

عندما تغيب معايير الاستحقاق، يصبح المشهد العام مضطرباً إذ تتبدل الحقائق، ويعلو صوت الادعاء على صوت العمل الحقيقي، ويصبح الإبداع عبئاً، والمبادرات الخلّاقة محاربة، بينما تُكرم الرداءة وتُهمّش الطاقات المبدعة.

المثل “من قلة الخيل شدوا على الكلاب سروج” بمثابة ناقوس 📢 إنه ينبه إلى خطورة ترك المواقع الحساسة لغير المؤهلين، الأمر الذي يؤدي إلى أزمات تبدأ بفقدان الثقة ولا تنتهي إلا بانهيار القيم التي تبنى عليها المجتمعات الناجحة.

إن السروج، بما تحمله من رمزية للمسؤولية والجدارة، لا ينبغي أن توضع على أي ظهر، بل تحتاج إلى من يمتلك القوة والصبر والحكمة والتاريخ يعج بالشواهد على أمم انهارت حينما تراجعت عن تقدير الكفاءات وأعلت من شأن المجاملات والاعتبارات الفارغة.

القضية ليست مجرد حكاية عن خطأ في الاختيار أو سوء إدارة، بل مأساة عندما تتحول المناصب إلى جوائز للأقرباء والمعارف، بدلاً من أن تكون استحقاقات للكفاءات.

وتتجلى صور هذا المثل حين اذا رأينا مناصب تُعطى لمن يفتقرون إلى الرؤية، ومشاريع مهمة تدار بعقليات جامدة، وقرارات مصيرية توضع بأيدٍ تفتقر للخبرة اللازمة وذلك كله محاولات لإلباس الضعف ثوب القوة، دون جدوى.

وما يزيد الأمر تعقيداً أن هذه الممارسات لا تتوقف عند الأضرار المباشرة، بل تؤسس لثقافة عامة تعزز فكرة أن النجاح لا يتحقق بالاجتهاد والكفاءة، بل عبر العلاقات والمجاملات، مما يؤدي إلى إحباط العقول المبدعة، ودفعها إلى الهجرة أو الانسحاب، ويجعل الأوطان تفتقر إلى الطاقات التي تبني المستقبل.

لكن بالرغم من قسوة المثل، إلا أنه يحمل في طياته دعوة إلى الأمل والعمل فهو ينادينا لإعادة الاعتبار إلى الأصول، للبحث عن “الخيول” الأكفأ بين الناس، حتى وإن توارت خلف غبار التهميش، ولنعيد للسروج مكانتها الحقيقية، بحيث لا يحملها إلا من يستحق.

إن المجتمعات الطامحة للنهوض لا تبحث عن الأسماء الكبيرة أو المظاهر الخادعة، بل تفتش عن القادرين على الجمع بين النزاهة والكفاءة، بين العلم والتطبيق وعندما توضع الكفاءات في مواقعها الصحيحة، تتحقق النهضة وتستقيم الأمور.

الكفاءة ليست ترفاً ولا تفضيلاً ثانوياً، بل هي حجر الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الأوطان إن إقصاء الأكفاء وتمكين غير المؤهلين، لا يضر فقط بالأفراد، بل يبدد فرص الأجيال القادمة.

وفي الختام، علينا أن نستحضر هذا المثل في وعينا العام لا كمجرد قول مأثور نردده، بل كمعيار نحتكم إليه في اختياراتنا فالسروج لا تزين الكلاب، كما أن المناصب لا تصنع القادة بل القادة الحقيقيون هم الذين يصنعون للمناصب قيمتها وشرفها.فلتكن اختياراتنا مبنية على الكفاءة، ولنجعل من مسؤولية حسن الاختيار أمانة نحملها أمام أنفسنا وأوطاننا.

قد يعجبك ايضا