الجيش السوري يدخل أشرفية صحنايا وفتوى بحرمة الدم السوري
شبكة الشرق الأوسط نيوز : مع بدء وفد ديني واجتماعي من السويداء التباحث مع محافظي دمشق وريفها والقنيطرة حول سبل التهدئة في جرمانا وصحنايا، وإطلاق مفتي البلاد نداء لتحريم إراقة الدم السوري، اتجهت الأوضاع نحو استقرار هش بعد معارك عنيفة شهدتها أشرفية صحنايا، دخلت على إثرها قوات الجيش السوري والأمن العام المدينة مدعومة بآليات ثقيلة وبدأت عمليات التمشيط، فيما خيّم الهدوء الحذر على جرمانا التي ظلت محاصرة أمنياً مع استمرار حظر التجول الليلي.
وقف لإطلاق النار وتشييع في جرمانا
وأعلنت وزارة الداخلية السورية رسميا عن وقف لإطلاق النار في جرمانا، مع انتشار أمني في محيط صحنايا. وقال المقدم حسام الطحان، مدير أمن ريف دمشق، إنه تم التوصل إلى اتفاق مع وجهاء جرمانا بوقف إطلاق النار وتسليم جثامين الضحايا، مضيفًا أن الجهات المختصة بدأت تنفيذ بنود الاتفاق فورا.
أسفرت الاشتباكات التي وقعت أمس الثلاثاء في الأحياء الجنوبية لمدينة جرمانا، قرب حاجز النسيم، عن سقوط عدد من القتلى من الجانبين. وأعلنت صفحات محلية أن عدد قتلى المدافعين بلغ سبعة، وتم تشييعهم الأربعاء. من جانبها، أكدت مصادر من داخل المدينة لـ”القدس العربي” أن عدد قتلى المهاجمين تجاوز العشرين، وأن المجموعات المحلية احتفظت بجثامين عدد منهم، كما أشار بيان وزارة الداخلية إلى ذلك.
وذكرت صفحات إعلامية من داخل جرمانا أن عملية التشييع شهدت كلمات تأبينية دعت إلى الاحتكام إلى العقل وعدم الانجرار وراء الفتنة ومخططات التقسيم. كما طالبت هذه الكلمات بمحاسبة المسؤولين عن العبث بأمن الوطن وحياة المواطنين، وتجريم أولئك الذين يروجون للشائعات والتحريض الطائفي ومحاكمتهم.
وأكدت مصادر “القدس العربي” أن جرمانا شهدت يوما من الهدوء الحذر، حيث لم تحدث أي اشتباكات. ومع ذلك، تم إغلاق جميع مداخل المدينة باتجاه دمشق بشكل تام، ما منع دخول وخروج المواطنين. وقد واجه السكان صعوبة في تأمين حاجياتهم الأساسية، إذ شهدت المحال التجارية أزمة خانقة في ساعات الصباح، حيث اختفت المواد الغذائية والخضروات بشكل سريع. كما حدثت حالات احتكار وتلاعب بالأسعار، مما أدى إلى زيادة سعر ربطة الخبز من 4 آلاف إلى 20 ألف ليرة. وظلت الحركة محدودة في المدينة التي تضم نحو 1.3 مليون نسمة حتى الساعة الخامسة مساء، حيث تم الإعلان عن حظر تجول يستمر حتى صباح اليوم التالي.
انتهاء العملية
تطرق بيان مدير مديرية أمن ريف دمشق إلى الأوضاع في مدينتي صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث شهدت المدينة معارك شديدة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة. وقال المقدم حسام الطحان إن “قوات إدارة الأمن العام انتشرت في محيط صحنايا وأشرفية صحنايا بهدف تأمين المنطقة ومنع أي اعتداءات جديدة”، مشيرًا إلى أن مجموعات خارجة عن القانون تسللت ليلاً إلى أراضي أشرفية صحنايا، حيث استهدفت مدنيين وعناصر من قوى الأمن، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وأضاف الطحان أن “المجموعات صعّدت هجماتها صباح يوم الأربعاء، مستهدفة نقاطا أمنية على أطراف أشرفية صحنايا، مما أدى إلى استشهاد 16 عنصراً من قوات الأمن العام”. وأكد أن “قوات الأمن العام ألقت القبض على عدد من أفراد تلك المجموعات في أشرفية صحنايا، وأن العملية ما تزال مستمرة”، مشددًا على أن “الجهات الأمنية ستواصل ملاحقة المعتدين، وستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة”.
مساعي التهدئة
قالت مصادر أهلية من أشرفية صحنايا لـ”القدس العربي” إن الأهالي عاشوا ليلة ويوماً صعبين جراء المعارك العنيفة التي شهدتها المدينة على طريق دمشق-درعا الدولي، وتحديدًا عند حاجز القوس. أوضحت المصادر أن فصيلا تابعا للأمن العام كان يسيطر على الحاجز بالتنسيق مع المجموعات المحلية داخل المدينة، إلا أن خلافا نشب بين الطرفين، مما أدى إلى تفجر الأوضاع. حاولت المجموعات المحلية السيطرة على الحاجز، لكن وصول تعزيزات من خارج المدينة حال دون ذلك، مما أدى إلى تصاعد المعارك بشكل كبير، حيث استخدم الطرفان أسلحة ثقيلة ومتوسطة ضمن الأحياء السكنية المحاصرة، مع رصد طائرات درون في أجواء المدينة. وتضاربت الأنباء حول هوية الطائرات، حيث أشارت بعض المصادر إلى أنها تابعة للأمن العام، بينما تحدثت مصادر أخرى عن طائرات إسرائيلية استهدفت القوات المهاجمة، في حين سُمِعَ دوي طائرات حربية قيل إنها إسرائيلية أيضًا.
ورسميا، أفادت وكالة الأنباء السورية “سانا” بأن “غارات للاحتلال الإسرائيلي استهدفت محيط منطقة أشرفية صحنايا”، وذلك بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استعداد قواته لضرب أهداف تابعة للحكومة السورية إذا استمرت أعمال العنف ضد الدروز. كما أعلنت وزارة الداخلية السورية أن طائرة مسيرة إسرائيلية قصفت تجمعا لقوات أمنية على أطراف صحنايا، ما أدى إلى مقتل عنصر أمن سوري.
وأوضحت مصادر “القدس العربي” أن المعارك توقفت تقريبا في الساعة الرابعة عصرا بعد تراجع القوات المحلية، مما سمح بدخول قوات من الجيش السوري والأمن العام برفقة آليات ثقيلة لتأمين المدينة وبدء عمليات تمشيط بحثًا عن المسلحين. دخول الجيش ساهم في تهدئة مخاوف المدنيين الذين خرجوا إلى الشوارع لشراء المواد الغذائية بعد أن فتحت بعض المحال أبوابها. وسمعت أصوات الأسلحة المتوسطة والخفيفة قبيل الغروب مع وصول القوات إلى مشارف مدينة صحنايا.
مساءً، أعلن مدير مديرية أمن ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، عن دخول قوات الأمن إلى كافة أحياء أشرفية صحنايا، مؤكدًا انتهاء العملية الأمنية في المنطقة وبدء إجراءات استعادة الأمن والاستقرار.
مشايخ السويداء مع 4 محافظين
مع دخول قوات الجيش والأمن العام إلى مدينتي جرمانا وأشرفية صحنايا، بدأ وفد من محافظة السويداء مباحثات في دمشق. وذكرت مصادر إعلامية محلية أن “جلسة رسمية” عقدت في محافظة دمشق بحضور محافظي دمشق ماهر مروان، ريف دمشق عامر الشيخ، السويداء مصطفى البكور، والقنيطرة أحمد الدالاتي لمناقشة التطورات الأخيرة في المدينتين.
ضم الوفد القادم من السويداء، الذي وصل بحماية من الأمن العام، عدداً من الشخصيات الدينية والاجتماعية البارزة مثل مشايخ عقل الطائفة الدرزية حمود الحناوي ويوسف جربوع، بالإضافة إلى قائد حركة رجال الكرامة يحيى الحجار وليث البلعوس. وبحسب المصادر، تم التباحث حول آليات التهدئة وتعزيز الاستقرار في المنطقة، مع الاتفاق على اتخاذ خطوات عملية لمعالجة الأحداث واحتواء التوتر بما يضمن السلم الأهلي والتنسيق بين الجهات المختلفة لضمان أمن واستقرار المواطنين.
دم السوري على السوري حرام
في ذات السياق، دعا مفتي سوريا أسامة عبد الكريم الرفاعي إلى تجنب الفتن، مشدداً على ضرورة عدم الاستماع لدعوات الثأر والانتقام. في كلمة متلفزة له، قال الرفاعي: “دماؤكم محرمة وكل دم سوري محرم، وقطرة دم واحدة من أي من هذا البلد غالية علينا ولا ينبغي التفريط بها”. وأكد على أهمية الوحدة لمواجهة الفتنة، موضحا أن “إذا اشتعلت الفتنة في بلدنا فكل أعراقنا ودياناتنا وطوائفنا خاسرة ولن يكون هناك رابح فينا أبداً”.
وأضاف المفتي الرفاعي: “دعوا الثأر والانتقام ولا تفكروا به أبداً، ولو أصيب بعضنا ببعض المصائب فلنصبر قليلاً ولندع العدالة تأخذ مجراها”. وختم قائلاً: “في ذلك احقاق للحق، أما الثأر والانتقام ففيها كل الظلم”.
المصدر : القدس العربي