لقاء ترامب مع الشرع خطوة مهمة نحو منح الشرعية الدولية لحكومة دمشق وإعادة دمج سوريا في النظام العالمي
شبكة الشرق الأوسط نيوز : رأت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع، على هامش مؤتمر مجلس التعاون الخليجي في الرياض، حيث يقوم ترامب بجولة تمتد لأربعة أيام وتشمل إلى جانب الرياض، الدوحة وأبو ظبي، قد تكون علامة مهمة في القبول العالمي للشرع.
وجاء اللقاء بين الرجلين بعد يوم من إعلان ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وورد في التقرير الذي أعده كل من أليكس ليري وألكسندر وورد وستيفن كالين، أن اللقاء هو الأول الذي يعقده رئيس أمريكي مع رئيس سوري منذ 25 عاما، حيث استغرق اللقاء حسب البيت الأبيض 33 دقيقة وحضره ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وشارك فيه عبر الفيديو، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت الصحيفة إن قرار الرئيس ترامب بشأن العقوبات على سوريا يسهم في لعبة التكالب الجيوسياسي على الشرق الأوسط، حيث تصاعدت قوة إسرائيل منذ العام الماضي على حساب إيران التي كانت الراعي الرئيس لنظام بشار الأسد الذي انهار في كانون الأول/ ديسمبر 2024.
ويأتي اللقاء ضمن سلسلة من التحركات التي فاجأت إسرائيل في غزة وإيران والحوثيين في اليمن. وأضافت أن الشرع يحاول الحصول على الدعم الأمريكي وإعادة بناء البلاد التي حطمتها حرب أهلية امتدت على مدى 14 عاما، وحاول التحاور مع إسرائيل عبر وسطاء، وعبّر عن استعداد لمشاركة المصادر الطبيعية للبلاد مع الشركات الأمريكية، وبخاصة في مجال الغاز والنفط. وكان يريد أن يشرك الرئيس ترامب بخطة مارشال لإعادة إعمار سوريا، والتي ستحصل فيها الشركات الأمريكية والأوروبية على عقود تفضيلية على حساب الصين وقوى أخرى.
وأعلن ترامب ليلة الثلاثاء عن قراره لتخفيف العقوبات التي فرضت قبل عقد لإضعاف نظام الأسد، وقال إنه اتخذ القرار بعد التشاور مع بن سلمان وأردوغان. وبدا خطاب ترامب يوم الثلاثاء الذي استغرق 50 دقيقة وكأنه خطاب حملة انتخابية، حيث لم تغب عنه أجندة الرئيس المعروفة باسم “أمريكا أولا”.
وقد احتفل السوريون وبقية العالم العربي بقرار ترامب، حيث أثنى الكثيرون منهم على محمد بن سلمان الذي تدخل نيابة عنهم. وأثنى ترامب على مضيفيه السعوديين وما حققوه من تغييرات، ووجّه في الوقت نفسه تحذيرا لإيران بضرورة التخلي عن برنامجها النووي.
ورأت الصحيفة أن السياسة الجديدة من سوريا ولقاء الشرع لن تلقى قبولا جيدا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يعتبر الرئيس السوري إرهابيا. ومنذ سقوط الأسد، سيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة المنزوعة السلاح ومناطق أخرى في جنوب سوريا. وكان بعض المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين يأملون بحصول ترامب على تنازلات مهمة من الشرع قبل رفع العقوبات.
وعلقت “وول ستريت جورنال” في افتتاحيتها على تغير الموقف الأمريكي من سوريا بأنه سيعطي الرئيس الشرع وحكومته بداية جديدة. وناقش ترامب أن العقوبات التي استهدفت نظام الأسد لم تعد ضرورية بـ”حكومة نأمل أن تحقق الاستقرار في البلد وتحافظ على السلام فيه”، وقال: “حظا سعيدا سوريا.. أرينا شيئا نعتبره خاصا”.
ويجب أن يكون هذا الشيء مميزا، كما تقول الصحيفة، “فلا توجد سابقة لقائد سابق في تنظيم القاعدة مثل الشرع الذي حشد الجهاديين من سوريا وخارجها، ليقود دولة إلى السلام والاستقرار والوئام مع الغرب”، مشيرة إلى أن الرئيس الشرع لا يزال على قائمة الإرهاب الأمريكية.
وتعلق أن الشرع قال كل الكلام المناسب عن نيته لتوحيد البلاد وحماية الأقليات، وفعل شيئا جيدا للولايات المتحدة من خلال الابتعاد عن إيران وتخفيف تأثيرها على سوريا، مما صعّب عليها دعم حليفها اللبناني، حزب الله.
وهناك عدة أسباب جيدة تدعو للعمل مع الشرع، لكن ليس كل شيء “ورديا” على حد تعبير الصحيفة. وقد وضعت أمريكا عددا من الشروط قبل أن يتم رفع العقوبات الكبرى، وأهمها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية والجهاديين الأجانب، ممن قاتل بعضهم في صفوف قوات الشرع، وأصبحوا جزءا من قيادة الجيش السوري الجديد.
وقالت الصحيفة إن من الحكمة بمكان اتخاذ إدارة ترامب خطوات لمنع التنافس بين إسرائيل وتركيا وتحوله إلى حرب، وكذا تقديم ضمانات للحلفاء الأكراد السوريين قبل سحب القوات الأمريكية، وماذا عن فرض قيود على الوجود العسكري التركي؟ وسيجد ترامب صعوبة في تطبيق قراره لأن الأمر ينتهي بالكونغرس.
وبحسب السيناتور الجمهوري ليندزي غراهام، فـ”إلغاء عقوبات شرعها الكونغرس عملية معقدة”، فيجب أن يحصل الكونغرس على تقرير يظهر أن سوريا لم تعد راعية للإرهاب. وسيكون هذا في صالح ترامب حيث سيمنحه نفوذا على الشرع من أجل تنظيف نظامه من الجهاديين.
وأشارت صحيفة “الغارديان” في تقرير لمراسلها من بيروت، أن ترامب طلب من الشرع ترحيل المقاتلين الفلسطينيين، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. كما طالبه بالمساعدة في إدارة السجون التي يحتجز فيها مقاتلو تنظيم الدولة وعائلاتهم.
وقالت: ” كان الاجتماع مميزا، لأن إدارة ترامب كانت حذرة سابقا من التعامل مع الشرع، الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام. وكان الشرع قد قاد الجناح السوري لتنظيم القاعدة، وقاتل القوات الأمريكية في العراق، حيث أمضى خمس سنوات في سجن أمريكي”. وأضافت: “بدا الاجتماع بمثابة خطة عمل لمزيد من التعاون الأمريكي- السوري، وستتبعه نقاشات بين روبيو ونظيره السوري، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية السورية”.
وتابعت: “كان الاجتماع تتويجا لأشهر من الدبلوماسية بين السوريين، بالإضافة إلى حلفائهم الأتراك والسعوديين، الذين اعتقدوا أن لقاء مباشرا مع ترامب سيساعد في إنهاء عزلة سوريا الدولية”.
كما أعدت دمشق عرضا لترامب تضمن فتح المجال إلى النفط السوري وضمانات لأمن إسرائيل، ومقترحا لبناء برج ترامب في دمشق. و”اعتبر الاجتماع مع ترامب خطوة أساسيةً نحو الاعتراف بشرعية السلطة الجديدة في دمشق بعد الإطاحة ببشار الأسد من رئاسة سوريا في كانون الأول/ ديسمبر 2024. وسيسهم ذلك في ترسيخ سيطرة النظام الجديد في دمشق، الذي يكافح لبسط سلطته على خليط الميليشيات التي لا تزال تحكم أجزاء من سوريا التي مزقتها الحرب”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أهم قضية تهم أمريكا هي حماية الأقليات، حيث أصدرت الإدارة الأمريكية بيانا شديد اللهجة بعد اندلاع العنف في الساحل السوري، في شهر مارس/ آذار الماضي.
وقدمت وزارة الخارجية الأمريكية إلى السوريين، قائمة شروط من 12 بندا لإنهاء العقوبات، شملت حماية الأقليات واحتفاظ الولايات المتحدة بحق توجيه ضربات ضد من تعتبرهم “إرهابيين” على الأراضي السورية. وكان الطرفان بصدد التفاوض عندما أعلن ترامب فجأة مساء الثلاثاء رفع العقوبات الأمريكية.
وتقول “الغارديان” إن إنهاء العقوبات الأمريكية سيكون خطوة نحو إعادة دمج سوريا في النظام الاقتصادي الدولي وتعزيز الاقتصاد المنهك الذي يحاول إعادة البناء بعد 14 عاما من الحرب الأهلية.
وفي تقريرها، رأت صحيفة “التايمز” البريطانية أن ترامب التقى مع الرئيس السوري “الإرهابي” بعد رفع العقوبات. وقالت إن اللقاء بين قائد سابق في القاعدة والرئيس الأمريكي هو الأول منذ 25 عاما.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.