*فادي السمردلي يكتب؛تحايل الأحزاب على المؤسسات الانتخابية تُفرّغ الديمقراطية من مضمونها(٣٦/٢٢)*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب.(٣٦/٢٢)”*

ماذا يعني تحايل الأحزاب على المؤسسات الانتخابية تُفرّغ الديمقراطية من مضمونها؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

تلعب الانتخابات دورًا محوريًا في ترسيخ الديمقراطية، حيث تُمكّن المواطنين من اختيار ممثليهم وصناع القرار بحرية ونزاهة ومع ذلك، عندما تتحول هذه العملية إلى ساحة للتلاعب، وتصبح المؤسسات الانتخابية أداة بيد الأحزاب ، فإن ذلك لا يؤدي فقط إلى تشويه العملية الديمقراطية، بل يسهم أيضًا في تقويض ثقة المواطنين بالمنظومة السياسية برمتها وفي كثير من الدول التي تشهد انتخابات دورية، تظهر أنماط مختلفة من التلاعب الذي يمارسه بعض الأحزاب لضمان بقائها في السلطة، مستخدمةً أساليب متنوعة مثل تزوير النتائج، واستغلال المال السياسي، والضغط على الهيئات المستقلة لضمان نتائج تصب في مصلحتها.

يعد تزوير الانتخابات أحد أخطر أشكال التلاعب بالمؤسسات الانتخابية، حيث يتم التلاعب بنتائج التصويت إما عن طريق التلاعب بعدد الأصوات، أو منع شرائح معينة من المشاركة، أو حتى التدخل المباشر في فرز الأصوات وإعلان النتائج المزورة وفي بعض الحالات، يتم استخدام أساليب أكثر تعقيدًا مثل التلاعب بالسجلات الانتخابية وإضافة أصوات وهمية وهذه الممارسات تجعل الانتخابات مجرد مسرحية شكلية تُستخدم لإضفاء الشرعية على أنظمة حكم غير ديمقراطية، بينما في الواقع، تكون النتائج محسومة مسبقًا لصالح الحزب الحاكم أو الجهة المتنفذة.

إلى جانب التزوير المباشر، يعد المال السياسي أحد الأدوات الفعالة التي تستخدمها بعض الأحزاب للتأثير على نتائج الانتخابات ويمكن أن يتجلى ذلك بوضوح من خلال شراء الأصوات، حيث يتم تقديم المال أو الامتيازات المادية او المعنوية للناخبين مقابل التصويت لصالح حزب او شخص معين، أو عبر تمويل الحملات الانتخابية بطرق غير مشروعة، مما يمنح بعض المرشحين ميزة غير عادلة على خصومهم كما يُستخدم المال السياسي لتوجيه وسائل الإعلام وتضليل الرأي العام، مما يحرم الناخبين من فرصة اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على معلومات دقيقة ومتوازنة.

تعد الهيئات المشرفة على الانتخابات، مثل اللجان الانتخابية والجهات القضائية، من أهم الضمانات لنزاهة الانتخابات ومع ذلك، في بعض الأنظمة، يتم ممارسة ضغوط هائلة على هذه الهيئات من قبل الأحزاب الحاكمة، مما يحولها إلى أدوات لتنفيذ أجندات سياسية بدلاً من أداء دورها بحيادية واستقلالية ويشمل هذا الضغط تعيين شخصيات موالية للحزب الحاكم في مواقع حساسة داخل هذه الهيئات، أو ممارسة التهديد والترهيب بحق المسؤولين المستقلين، أو حتى تعديل القوانين الانتخابية بطرق تخدم مصلحة جهة معينة على حساب المنافسين فعندما تفقد هذه المؤسسات استقلاليتها، تصبح الانتخابات وسيلة شكلية لاختيار الحكومات، دون أن تعبر فعليًا عن إرادة الناخبين.

إن التلاعب بالمؤسسات الانتخابية لا يؤثر فقط على نتائج الانتخابات، بل يمتد ليهدد استقرار المجتمع وثقة المواطنين في الديمقراطية فعندما يشعر المواطنون بأن أصواتهم لا تحدث فرقًا حقيقيًا، يتولد لديهم إحساس بالإحباط واليأس من العملية السياسية، مما يؤدي إلى عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات مستقبلاً.وبدون مشاركة شعبية واسعة، تفقد الديمقراطية جوهرها الحقيقي، وتتحول الانتخابات إلى مجرد إجراء صوري يخدم مصالح فئة ضيقة على حساب الإرادة العامة.

إضافة إلى ذلك، يؤدي التلاعب الانتخابي إلى تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية، حيث ترفض المعارضة والقطاعات الواسعة من المجتمع نتائج الانتخابات المشكوك في نزاهتها، مما قد يؤدي إلى احتجاجات واضطرابات تهدد استقرار الدولة وفي بعض الحالات، قد يصل الأمر إلى حدوث انقسامات حادة داخل المجتمع، مما يفتح الباب أمام العنف السياسي والصراعات الداخلية.

كما أن أي حكومة تصل إلى السلطة عبر انتخابات مزورة تواجه مشكلة في شرعيتها، ليس فقط أمام المواطنين، ولكن أيضًا أمام المجتمع الدولي فالدول التي تُتهم حكوماتها بالتلاعب بالانتخابات تجد صعوبة في الحصول على الدعم الدولي، وتتعرض لعزلة سياسية واقتصادية، مما يؤثر سلبًا على التنمية والاستقرار.

في الختام إن تلاعب الأحزاب بالمؤسسات الانتخابية يعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ الديمقراطية ويشكل خطرًا حقيقيًا على استقرار الأنظمة السياسية فلا يمكن بناء ديمقراطية حقيقية دون ضمان نزاهة الانتخابات واستقلالية المؤسسات المشرفة عليها لذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لإصلاح الأنظمة الانتخابية، وتطبيق قوانين صارمة تجرّم أي محاولة للتلاعب بالإرادة الشعبية.فبدون انتخابات نزيهة، لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية، بل مجرد أنظمة شكلية تكرّس السلطة بيد فئة معينة، بينما يُحرم المواطنون من حقهم في تقرير مصيرهم واختيار من يحكمهم.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا