*فادي السمردلي يكتب: عجبي لمدرسة لم ينجح بها أحد وتفخر بالفشل!*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

تخيل أن هناك مدرسة، قائمة منذ سنوات، لها مبنى أنيق، وسور مطلي حديثًا، ولوحة تحمل اسمها بخط ذهبي فخم وعند المدخل، يقف الحارس بصرامة، ويستقبل الزوّار بابتسامة مهنية، تُوحي بأن هذه المؤسسة تسير وفق أعلى المعايير والمدير يظهر كل صباح ببدلته الرسمية، يحمل ملفات، يتحدث في الهاتف بنبرة رسمية، يتفقد الصفوف كما لو كان جنرالًا في ساحة معركة، يوزع التعليمات، يُملي الملاحظات، ويؤكد على “الانضباط”، ويشيد بـ”المنهجية الجديدة” يعقد الاجتماعات مع مساعديه بحضور فناجين القهوة وعبارات الإعجاب، تُدوّن النقاط ويهز الجميع رؤوسهم في إيقاع واحد كأنهم فرقة موسيقية تؤدي مقطوعة الإطراء.

لكن في نهاية كل عام دراسي، لا ينجح أحد ، لا نتيجة تُفرح، لا شهادة تُعلق على الحائط فالمدرسة “لم ينجح بها أحد”، حرفيًا ومع ذلك، المدير ناجح جدًا! صوره تتصدر فقط المجلات المحلية، تصريحاته تُبث في نشرات الإدارة، وقد أصبح ضيفًا دائمًا على الاجتماعات الكبرى ليحدث الجميع عن “التجربة الفريدة” التي تقودها مدرسته فالكل يصفق، يدوّن، يلتقط الصور، بينما المدرسة من الداخل تنهار، ينهشها الإهمال، ويغمرها الفشل من السقف إلى الأرض.

هذا المشهد الساخر ليس مجرد قصة خيالية، بل هو مرآة مشروخة لما يحدث في بعض المنظومات، حين يتحول المسؤول إلى نجم استعراضي يتنقل ما بين الكوميديا والتراجيديا ، تُقاس قيمته بعدد الكلمات الرنانة التي يلقيها، لا بوزن النتائج التي يحققها فيتفنن في التوجيه، يتحدث عن التحفيز، يبتكر شعارات منمقة، لكن الواقع يئن، والناس تتراجع، والأهداف تضيع كل شيء يتحرك، إلا الجوهر، فهو ثابت عند نقطة الصفر وإن تحرك يتحرك نحو السالب.

في “المدرسة التي لم ينجح بها أحد”، النجاح أصبح شكليًا، صورة بدون مضمون، عنوان بلا محتوى فالمدير أقام حوله دائرة من “المنبهرين”، “المصفقين” أصدقاء الإنجاز الورقي، الذين يهنئونه على كل شيء، حتى على فشل تام يُغلفونه بعبارات مثل “التحديات كانت كبيرة”، “الظروف خارجة عن الإرادة”، أو “المؤشرات إيجابية رغم النتائج السلبية” هكذا يبررون العجز، ويزينون الكارثة، ويرفعون راية التمجيد فوق أطلال الواقع.

وهذا النموذج ليس نادرًا، بل تراه يتكرر، حيث يتصدر المشهد من يملك الخطاب لا الإنجاز، ومن يهمه أن يُقال عنه أكثر مما يقدمه تمامًا كما في تلك المدرسة الفاشلة، حيث المدير ناجح جدًا، رغم أن “أحدًا لم ينجح” سواه فهل نحن بحاجة إلى افعال، أم مجرد استعراض؟ وهل نبحث عن قادة يصنعون الفرق، أم نكتفي بمن يُجيدون الكلام ويتركون الواقع ينهار على رؤوس الجميع.؟

قد يعجبك ايضا