✍️ هل بيد الحكومة القوة.. وبفمها العجز؟!..
محمود الدباس …..
في كل مرة يشتد فيها السؤال.. وتضيق الخيارات أمام المتصدّرين للمشهد.. تُطل علينا جملة ساذجة المظهر.. ثقيلة المعنى.. تقول.. نحن لا نملك الحل السحري لكل شيء..
وكأننا نطلب منهم إنزال المطر.. أو تغيير حركة الكواكب..
نحن فقط نسأل.. لماذا لم تُفعّلوا ما بين أيديكم من أدوات؟!.. ولماذا تتركون أبواب الدولة مشرعة للفرص الضائعة.. ومغلقة أمام إمكانات الناس؟!..
في دولٍ لا تملك من الثروات إلا العزيمة.. صعدت الحكومات سلم الإنجاز درجة درجة.. دون أن تطلب عصاً.. ولا تشتكي من سحرٍ غائب.. بل وضعت خططاً صغيرة.. لكنها حقيقية.. واستثمرت الفكرة قبل المال.. والعقل قبل العجلة..
أما هنا.. فكلما طُرحت قضية جوهرية.. قيل لنا بلطفٍ ثقيل.. لسنا وحدنا المسؤولين.. وكأن الحكومة أصبحت كياناً طيفياً.. لا يُرى أثره في التفاصيل.. ولا يُحمّل تبعة الواقع..
لكن الحقيقة.. أن الحكومة ليست طيفاً.. بل مركز الثقل الأول.. فهي التي تُمسك بخيوط اللعبة الاقتصادية.. والتشريعية.. والتنفيذية.. وهي التي تملك مفاتيح القرار في الاستثمار.. والتعليم.. والضرائب.. والزراعة.. والسياحة.. والصحة.. والعمل.. بل وتتحكم حتى في وتيرة الأمل داخل المجتمع..
ما الذي يمنع إعادة توجيه الضرائب.. لتخفيف الضغط عن الفئات المسحوقة؟!..
ما الذي يمنع تدفق المستثمرين.. على الرغم من الامتيازات الكثيرة.. التي نمتلكها؟!..
ما الذي يوقف دعم الزراعة الذكية.. في بلدٍ يعاني من فاتورة غذاء متضخمة؟!..
ما الذي يؤخّر حسم ملفات الفساد المؤجّلة إلى أجل غير مسمى؟!..
الحكومة لا تحتاج عصا سحرية.. بل تحتاج أن تؤمن.. بأن بيدها أكثر مما تعتقد.. وأن الشكوى من قلة الموارد.. لم تعد تُقنع طفلاً يقرأ ويشاهد.. تجارب الدول التي تجاوزتنا بأشواط.. دون أن تتجاوزنا بإمكاناتها..
ليست المعجزة.. أن نحلّ كل الأزمات دفعة واحدة.. بل أن نبدأ فعلياً في السير نحو الحلول.. وأن تكون هناك عقلية تؤمن.. بأن كل مشروع صغير.. يمكن أن يكون قصة نجاح.. وأن كل قرار جريء.. قد يكون بداية لخروج حقيقي من عنق الزجاجة..
أما الدوران في حلقة مفرغة.. والاحتماء خلف العبارات المعلبة.. فلن يلد.. إلا مزيداً من العزوف.. ومزيداً من الغضب المكبوت.. ومزيداً من الإحساس.. بأن الحكومة تعرف ما يجب.. لكنها لا تفعل ما يلزم..
الناس لا يطلبون المعجزات.. بل يريدون أن يشعروا.. أن هناك مَن يعمل من أجلهم.. لا من فوقهم.. وأن هناك قرارات تُبنى على الفهم.. لا على الترقيع.. وعلى التخطيط.. لا على التبرير..
فمن قال إن الحكومة لا تملك العصا السحرية؟!..
هي تملكها.. لكنها ربما لا ترى أنها بيدها.. أو لا تريد -لا سمح الله- أن “تلولح” بها أصلاً..
فإن كانت العصا بأيديكم.. فلا تلقوها في الزاوية.. ولا تخبئوها خلف ستار العجز.. فقط استخدموها كما ينبغي.. وسترون أن الفعل الصادق.. أقوى من أي تعويذة..
محمود الدباس – أبو الليث..
😇🙏🌷
الكاتب من الأردن