حركة حماس خسرت الدبلوماسية الأردنية المتقدمة

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات  ….

 

كمراقب ومتابع منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023 حول ما يجري في غزة من عمليات قتل وتدمير وإبادة جماعية وتطهير عرقي وما تبع ذلك من عمليات تفاوض وتبادل للأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، للأسف كان هناك العديد من الثغرات العميقة في الموقف التفاوضي لحركة حماس منها أنها تجاهلت عملياً أو تحت ضغط الحسابات الإقليمية والدولية دور الأردن، ولم تطالب بإشراكه في أي صيغة من صيغ إدارة المفاوضات، ولو كمُيسّر لا كوسيط، وهذا التجاهل مهما كانت أسبابه شكّل خسارة مزدوجة للفلسطينيين ومكسباً خفياً لإسرائيل.
فالأردن قيادة وحكومة وشعباً الذي يحمل قضيّة فلسطين في وجدانه السياسي والوطني، ليس وسيطاً محايداً بل طرفاً أصيلاً، وذو إنحياز معلن للحق الفلسطيني ولقضيته العادلة، لكنه يجيد في الوقت ذاته الدبلوماسية المتطورة والمهنية العالية من خلال عميد الدبلوماسية الأردنية السيد أيمن الصفدي وبتوجيه مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، وكذلك يملك الأردن فن التيسير من خلال هذه الدبلوماسية المتطورة والمتقدمة فك الشيفرات الإسرائيلية، وتفكيك الألغام المزروعة في النصوص، وغيابه أضعف ساحة المفاوضات، والأردن من أهم من يعرف عقل الدولة العبرية، وأسلوبها في التلاعب بالمصطلحات والمراحل والآليات.
كان يمكن لحركة حماس أن تكسب من حضور الأردن العربي والإقليمي والدولي عقلاً تفاوضياً من الوزن الثقيل، عقلاً خَبِرَ إسرائيل في الميدان وفي غرف التفاوض، ويدرك أن الأتفاق مع العدو لا يُقرأ من بنوده، بل من نواياه المدفونة في الهوامش، كان يمكن للأردن لو شارك أن يكون الضمانة الأخلاقية والسياسية ألتى تُربك إسرائيل وتُخرجها من منطقة راحتها.
وحتى من الناحية الرمزية، فإن تغييب أبناء الأردنيات من أمثال أيمن الصفدي الذين هم أبناء هذه الأرض وتهمهم فلسطين بشكل شخصي ووطني وديني غايه الأهمية، القدس وغزة والخليل ونابلس ورام الله وغيرها عن طاولة التفاوض، جعل إسرائيل تتنفس براحة، لأنهم وحدهم القادرون على فضح خبثها حين تُغلف التنازلات بالوعود أو تُقايض الأمن الإنساني بالهندسة الديمغرافية.
خسرت حركة حماس بفعل ذلك الغياب قدرة الأردن من خلال قيادتها الحكيمة وحكومتها الرشيدة ودبلوماسيتها المتطورة والمتقدمة على فرملة الأنزلاق في إتفاقات ملغّمة، وخسرت صوته الذي كان سيجعل إسرائيل في خانة الدفاع لا الهجوم، وخسرت الأهم، قوة الدولة الوحيدة ألتى تعرف إسرائيل جيداً، وتعرف أن الحذر معها ليس خياراً، بل عقيدة.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا