الإخوان المسلمون: الأهداف الخفية والعلاقة التاريخية ببريطانيا
اعد هذا التوثيق والتحليل والرصد من مصادر متعددة
محي الدين غنيم …
أولًا: النشأة والبيئة السياسية
تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 في الإسماعيلية، مصر، على يد حسن البنا، في فترة كانت مصر فيها تحت الاحتلال البريطاني (1882-1956). وقد استفادت الجماعة من الهامش الذي وفرته سلطات الاحتلال لبعض الحركات الدينية، مقابل التضييق على التيارات القومية واليسارية، التي كانت تُعد أكثر خطرًا على الوجود الاستعماري.
🔹 المصدر:
Richard P. Mitchell, The Society of the Muslim Brothers, Oxford University Press, 1969
Fawaz Gerges, America and Political Islam, Cambridge University Press, 1999
ثانيًا: الأهداف الخفية للجماعة
رغم الطابع الديني والدعوي الظاهري، إلا أن الجماعة تبنت استراتيجية طويلة الأمد للسيطرة على الحكم من خلال العمل المنظم، و**”التمكين المرحلي”**، عبر اختراق مؤسسات الدولة، والتعليم، والنقابات، والمساجد.
أبرز الأهداف:
1. السيطرة التدريجية على المجتمع من خلال ما يُعرف بـ”الأسلمة المجتمعية” قبل الوصول للسلطة.
2. بناء تنظيم دولي قادر على تحريك الجماعة في عدة بلدان، عبر ما يُسمى بـ”التنظيم الدولي للإخوان”.
3. تكتيك المهادنة أو العنف حسب المصلحة، كما ظهر في تنظيمهم السري (التنظيم الخاص) في الأربعينيات.
4. تقديم “البيعة” للمرشد العام كمرجعية مطلقة تتفوق حتى على الانتماء الوطني.
🔹 المصدر:
Omar Ashour, The De-Radicalization of Jihadists, Routledge, 2009
Gilles Kepel, Jihad: The Trail of Political Islam, Harvard University Press, 2002
ثالثًا: العلاقة مع بريطانيا
1. التغاضي البريطاني عن الجماعة في بداياتها
على عكس القوميين واليساريين، لم يُعتبر الإخوان خطرًا مباشرًا على البريطانيين. ولم يسجل التاريخ أي صدام مباشر بين حسن البنا وسلطات الاحتلال، ما يثير تساؤلات حول هذا “التسامح البريطاني”.
2. علاقة المخابرات البريطانية ببعض قيادات الجماعة
تشير بعض الوثائق إلى أن البريطانيين تابعوا نشاط الجماعة عن قرب، وأنهم استخدموا الإسلاميين لاحقًا كـ”حائط صد” ضد الشيوعيين والقوميين العرب. وفي الحرب الباردة، دعمت أجهزة غربية، بما فيها MI6 البريطانية، احتضان الإسلام السياسي كبديل عن القومية.
🔹 المصدر:
Mark Curtis, Secret Affairs: Britain’s Collusion with Radical Islam, Serpent’s Tail, 2010
BBC Archive Reports, British Intelligence and the Muslim Brotherhood, declassified 2005
3. ملاذ آمن في لندن
بعد تضييق الخناق عليهم في مصر وسوريا، انتقل عدد من قادة الجماعة إلى لندن، التي أصبحت مركزًا هامًا لنشاط التنظيم الدولي، من خلال مراكز أبحاث ومؤسسات تحت غطاء العمل الخيري والفكري.
🔹 أبرز الأسماء التي استقرت بلندن:
كمال الهلباوي (سابقًا متحدثًا باسم الإخوان في الغرب)
يوسف ندا (مفوض العلاقات الدولية السابق)
إبراهيم منير (نائب المرشد العام سابقًا)
🔹 المصدر:
Douglas Farah & Stephen Braun, Merchant of Death, Wiley, 2007
تقرير The Times (UK) – “The Muslim Brotherhood’s London Base”, 2015
رابعًا: ازدواجية الخطاب
اعتمد الإخوان على خطاب مزدوج: دعوي معتدل في العلن، وتحريضي ضمني في الخفاء. وقد وثّق العديد من الباحثين كيف تم تكييف الخطاب حسب البلد والمرحلة، مما يعكس منهجًا براغماتيًا لا يلتزم بثوابت دينية قدر التزامه بالمصالح التنظيمية.
🔹 المصدر:
Lorenzo Vidino, The New Muslim Brotherhood in the West, Columbia University Press, 2010
Hillel Fradkin & Lewis Libby, Islamism and the International Order, Hudson Institute, 2011
رغم الصورة الإصلاحية التي حاولت جماعة الإخوان المسلمين ترسيخها، فإن الشواهد التاريخية والوثائق البريطانية والأمريكية تكشف عن علاقات استخباراتية، وتحالفات ظرفية، وأهداف سياسية بعيدة عن الشعار الديني الظاهري. فالجماعة ليست مجرد حركة دينية، بل مشروع سياسي ذو طابع أممي، استُخدم من قبل قوى استعمارية وغربية، ولا يزال يمثل تهديدًا للاستقرار في عدد من الدول العربية والإسلامية.