فادي السمردلي يكتب: منطق الشلة لا يبني أحزابًا بل يهدم العمل السياسي
بقلم فادي زواد السمردلي ….
#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال
👈 المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.👉
في أي نظام سياسي يسعى إلى التطور والاستقرار، تُعد الأحزاب جزءًا أساسيًا من البناء الديمقراطي، لا مجرد ديكور شكلي أو وسيلة لتلميع بعض الأسماء ومن هنا، يصبح من الضروري التأكيد على أن أسلوب إدارة الأحزاب يجب أن يتجاوز بشكل جذري العقلية الضيقة التي تنحصر في شبكات العلاقات الشخصية والشللية المغلقة فلا يجوز أن تتحول الأحزاب إلى ساحات محصورة لأفراد بعينهم، يوزعون الفرص ويقررون من يتحدث، ومن يظهر، ومن يشارك، ومن يُقصى فهذه الطريقة في الإدارة لا تخدم المصلحة العامة، ولا تفتح المجال للتعددية، ولا تخلق بيئة صحية للتمثيل الحقيقي، بل تكرّس الانعزال والاحتكار، وتُبعد العمل الحزبي عن جوهره الأساسي المشاركة والانفتاح.
ما نحتاجه هو أحزاب تُبنى على قواعد مؤسسية واضحة، قائمة على الكفاءة والتنوع والتفاعل المستمر مع الجمهور فلا يمكن لحزبٍ أن يدّعي تمثيل الناس وهو لا يرى فيهم إلا جمهورًا صامتًا، يُستدعى عند الحاجة ثم يُعاد إلى الظل ولا يمكن لحزب أن يدفع نحو الإصلاح وهو يمارس الإقصاء داخل بنيته، ويغلق الباب أمام الطاقات الجديدة، ويحتكر مواقع التأثير داخل دائرة مغلقة من العلاقات المتبادلة والمصالح الخاصة.فمثل هذا النهج – وإن وُجد – لا يعكس تطورًا سياسيًا، بل يمثل عائقًا حقيقيًا أمام الحياة الديمقراطية.
إن تجاوز هذه العقلية ليس ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية فالمطلوب ليس استهدافًا لأحد، ولا تشهيرًا بأي جهة، بل دعوة مبدئية عامة لإعادة ضبط البوصلة فالعمل الحزبي لا يُختزل في بعض الوجوه، ولا ينجح من خلال التكرار والاجترار، بل بالتجديد، بالانفتاح، وبالمأسسة التي تضمن أن يكون لكل فرد مكان وصوت ودور.
في أي سياق ديمقراطي سليم، يجب أن يُنظر إلى الأحزاب باعتبارها مؤسسات عامة لا ممتلكات خاصة فإذا غابت القواعد الناظمة، واحتُكر القرار داخل نطاق محدود، تراجعت الثقة، وانفضّ الناس من حول هذه الكيانات، لأنها لم تعد تعكس آمالهم أو تمثلهم تمثيلًا حقيقيًا فإعادة الثقة في العمل الحزبي تتطلب وضوحًا في الرؤية، وعدالة في التمثيل، وانفتاحًا حقيقيًا على كل مَن يريد أن يشارك بصدق وكفاءة، لا فقط على من “يعرف من”.
هذا الموقف ليس اعتراضًا على أشخاص، ولا تدخلًا في شؤون أحد، بل هو موقف مبدئي يتسق مع مبدأ الشفافية والمشاركة وتكافؤ الفرص فالأحزاب التي لا تراجع آلياتها، ولا تفتح أبوابها أمام التغيير، لا تؤدي دورًا وطنيًا حقيقيًا، بل تعيد إنتاج الإقصاء بأشكال جديدة ولهذا، فإن الطريق إلى أحزاب حقيقية يبدأ من التخلص من عقلية “الشلة”، واعتماد نهج يعترف بالناس لا يتجاهلهم، ويخدم المصلحة العامة لا المصالح الخاصة.
الكاتب من الأردن