بالستي العراقيين بالكرم

محي الدين غنيم   ….

 

لا يخفى على أحد أن الكرم سمة أصيلة في طباع العرب، غير أن الشعب العراقي ضرب أروع الأمثلة في هذا الخلق الرفيع، خاصة في أيام زيارة الأربعين في كربلاء، حيث يجتمع أكثر من عشرين مليون زائر من شتى بقاع الأرض، ليشهدوا عن قرب “بالستي العراقيين بالكرم”.

في الطرقات الممتدة نحو كربلاء، تتحول الشوارع إلى موائد مفتوحة، حيث يقيم العراقيون مواكب الضيافة، ويضعون بين يدي الزائرين كل ما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات. لا فرق عندهم بين زائر محلي أو قادم من أقصى أصقاع الأرض، فالكل ضيف، والكل يجد مكانه على المائدة العراقية العامرة.

إنها صورة إنسانية رائعة، تتجسد فيها روح التضحية والإيثار، حيث ترى الأطفال والنساء والشباب والشيوخ يتسابقون لخدمة الزائرين، يقدمون الطعام والماء والشاي والقهوة وحتى المبيت دون مقابل أو انتظار شكر. إنما يفعلون ذلك طلبًا للبركة وابتغاءً لوجه الله، وفخرًا بكونهم أهل الكرم والجود.

ما يقدمه العراقيون في هذه المناسبة ليس مجرد طعام وشراب، بل رسالة حضارية للعالم أجمع، أن القيم الأصيلة لا تزال حية، وأن الكرم العربي بلغ ذروته في هذه المشاهد العظيمة التي لا يمكن أن يخطئها أي زائر.

وبذلك، تبقى زيارة كربلاء شاهدًا خالدًا على أن العراقيين ليسوا فقط أهل تاريخ وحضارة، بل هم أيضًا أهل مروءة وكرم، يقدمون للعالم لوحة إنسانية تستحق أن تُروى للأجيال.

الكاتب من الأردن

 

قد يعجبك ايضا