الإعتراف الدولي بفلسطين .. شرعية حق أم معركة؟
محي الدين غنيم ….
لم يعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين ترفًا سياسيًا أو مجرد مكسب رمزي، بل أصبح ضرورة ملحة لترسيخ حق الشعب الفلسطيني في أرضه وتثبيت وجوده كدولة ذات سيادة، خصوصًا في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي ومحاولاته الحثيثة لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية.
إن ماهية الإعتراف الدولي هو إقرار رسمي من الدول والمنظمات بوجود دولة فلسطين ككيان مستقل يتمتع بكافة الحقوق التي تكفلها الشرعية الدولية. وهو لا يمنح فلسطين وجودها، فوجودها متجذر في الأرض والتاريخ، لكنه يمنحها شرعية قانونية ودبلوماسية في النظام العالمي، ويتيح لها ممارسة حقوقها والانضمام إلى المنظمات والاتفاقيات الدولية.
ويمثل الاعتراف تثبيتا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويُضعف الرواية الإسرائيلية التي تحاول إنكار هذا الحق. كما أن اتساع دائرة الاعترافات يعزز موقف فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، ويمنحها أدوات قانونية لمحاكمة الاحتلال ومحاسبته على جرائمه.
إن الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة يفتح الباب أمام علاقات تجارية واقتصادية مباشرة، ويشجع الاستثمارات والمساعدات الدولية بعيدًا عن قيود الاحتلال، مما يعزز من صمود الشعب الفلسطيني وبناء مؤسساته.
وكلما اتسع نطاق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، أصبح ميزان القوى التفاوضي أكثر توازنًا، وأصبحت إسرائيل أمام عزلة دولية متزايدة، ما يدفعها إلى إعادة حساباتها السياسية.
ولا يقل الجانب الرمزي أهمية عن القانوني والسياسي، فالاعتراف هو اعتراف بتضحيات الفلسطينيين وصمودهم، وبحقهم المشروع في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
ورغم هذه الأهمية، يواجه الاعتراف الدولي بفلسطين عراقيل وضغوطًا هائلة من الولايات المتحدة وإسرائيل، ومحاولات لتحجيم أثره وحصره في البعد الرمزي.
إن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين ليس مجرد معركة دبلوماسية، بل هو شرعية حق تاريخي لشعبٍ صامدٍ على أرضه، ووسيلة لتثبيت الحقوق وحماية الهوية، وخطوة لا غنى عنها في الطريق نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل.
الكاتب من الأردن