فادي السمردلي يكتب :ميزان مائل قرارات تُفصَّل على المقاس
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
ألا يثير السخرية أن تتباهى بعض المنظومات بالعدل، بينما أعضاؤها يصنعون قرارات متناقضة لنفس الحالة وكأنها لعبة نرد؟ أن يُقصى شخص تحت شعار “تطبيق القانون”، بينما يُدلل آخر تحت غطاء “الاستثناء” المميز “بالولاء”؟ هذا ليس مجرد تناقض، بل مسرحية مكتملة الأركان، حيث يتحول القانون إلى دمية تتقاذفها أيدي القائمين على هذه المنظومات حسب المزاج والهوى. أي عدالة هذه التي تُقاس بالمصالح لا بالمبادئ؟ أي ميزان هذا الذي يميل بحسب من يجلس على الكرسي؟ أليس من المفترض أن يكون القانون ثابتًا لا يتغير تبعًا لمن يطبقه؟
أعضاء المنظومة هم من يصنعون هذه المفارقة. قراراتهم ليست مبنية على الموضوعية أو على معايير ثابتة، بل على التحالفات الشخصية والمصالح الخفية فالقرار حين يصبح أداة للتصفية أو للتودد، يتحول إلى عصا تُرفع على البعض وتُخفض عن آخرين، في حين يُعلن عن نفسه بشعارات رسمية عن العدالة والشفافية إنهم يختبرون القانون كما يختبر الساحر أوراقه، ويبدلون النصوص واللوائح كما يُبدل اللاعب أوراقه على الطاولة، بينما الواقع يحكمه منطق “الذي معي يُنجو، والذي ضدي يُسحق”. كل يوم يضيفون فصلاً جديدًا لهذه المسرحية وكأن المنظومة تحولت إلى مسرحية مستمرة لا تنتهي، والضحايا هم من يفترض أن يحميهم القانون نفسه.
هذا التصرف يعني أن العدالة لم تعد ميزانًا واحدًا للجميع، بل أصبحت كفة تميل حسب ولاء العضو او نفوذه أو موقعه أو علاقاته فالقرار لم يعد يُبنى على الحق أو الموضوعية، بل على المحاباة والإقصاء، وكأن القانون والنظام تحوّل إلى لعبة شد حبل، فمن يملك القوة يسحبها لصالحه وهذا أخطر من الظلم نفسه، فالظلم الناتج عن خطأ يمكن تجاوزه، أما ازدواجية المعايير فهي ظلم متعمد ومقصود، ومغلف بخطاب رسمي يزعم النزاهة والحياد والكارثة الأكبر أن هؤلاء الأعضاء لا يدركون أنهم يزرعون بذور الانهيار داخل منظومتهم، ويعتقدون أنهم يحافظون على السلطة بينما يزرعون الفوضى على أرض الواقع.
فمن يرى أفعال هؤلاء الأعضاء ويقرأ رسائلهم الصامتة بأن القاعدة واحدة فقط لمن يشاء القائمون على القرار، وللآخرين هناك “المرونة الخاصة” فالذي يشاهد حالتين متطابقتين تُحسمان بقرارات متناقضة سيضحك في البداية، ثم ييأس سريعًا، لأنه يدرك أن القانون أصبح أداة لإرضاء النفوذ وليس للعدالة وهنا تبدأ الثقة بالانهيار، وينتقل الناس من الاحترام إلى ااسخرية منها، ومن ثم إلى رفضها تمامًا والكارثة تتضاعف حين يرى الموظفون داخل المنظومة أن الازدواجية هي القاعدة، فينسجون سياساتهم بناءً على مصالحهم الخاصة لا على العدالة.
على المدى الطويل، هذه السلوكيات تجعل المنظومة وأعضاؤها عمياء عن نتائج أفعالهم فهي تولد الاحتقان، وتوسع فجوة الانسجام ، وتزرع شعورًا دائمًا بالغبن والإحباط فالأعضاء الذين يظنون أنهم يسيطرون على القرار سيكتشفون أن شعبية المنظومة واحترامها قد تلاشت، وأن أي محاولة للتغطية على الانحياز ستفشل أمام وعي المجتمع المتزايد فتصبح القرارات لديهم صدى فارغًا، وكأنهم يصرخون في فراغ، بينما المواطن العادي يضحك من بعيد على المسرحية التي أُعدت لتبدو جدية.
وفي ختام هذا المقال، يجدر التأكيد أن ما ورد فيه لا يقصد به شخصًا بعينه أو جهة محددة، وإنما هو توصيف لحالة عامة متكررة في أكثر من سياق، وأي تشابه مع وقائع أو أطراف معينة هو محض مصادفة غير مقصودة.
الكاتب من الأردن