خُسوف القمر بسبب صمت البشر
#✍🏻/ عفاف_ فيصل_ صالح …..
تلك اللحظة الكونية التي تتوقف فيها أنفاس العالم، تتسلل إلى القلب بكآبةٍ دائمه، وكأن القمر أعلنت حِدادها أمام ألمٍ عميق يمتدُّ بعيدًا. و خسوفَها هُنا، في عتمةِ الليالي، يحمل في طياتها وجعَ غزّة، ذلك المكان الذي أثقلته الأوجاع، وعبّر عن معاناة شعبٍ ينزف من روحه ومن حكاياته الصامتة. اندمجت حركة السماء، وأعصارُ الحزن، وودّعت أضواءها، ليُخيّم الظلام على العيون، كأنّها صفحةُ حزنٍ لا تنتهي، وكأنّ القمر خجل من صورة طفلٍ يُطفأ بدمائه ضوءُ العالم.
وفي قلب هذا المشهد، يُشتت الأمل، وتُذّكرنا تلك الصورةُ الموجعة بمدى تكرارِ الوجع، حيث ينزفُ وجدانُ غزة، وتنزفُ معها سماءُ الحزن، وكأنها تودّع ضياءها، وتعتصر فنجانَ الألم بصمتٍ قَلقٍ، تفتقد النور، وتتحدى الظلام. إنه خسوفٌ دموّيٌ، يُشبه نزيفًا لا تتوقف ألمه، تُراق دماؤه في سماءٍ غلفها الحزن، وتُعطرها رمادُ الدمار، وتُحطم أملَ الأطفال، الذين لا يدرون أن النور يتوارى، وأنّ الليل قد يطول، لكنّه لا يدومُ للأبد.
وفي غزّة، لا شيء يضيء حقًا إلا قلوب أبنائها، تلك التي ترفض أن تنطفئ، رغم أوجاعها، ورغم أنينها، وتصميمها على أن تظلّ شعلة الأمل مشتعلة في قلب الزمن المظلم. فالقهر والأسى قد يسيطران، لكن إرادة الحياة، عشقُ البقاء، وصمودُ الأمل يُشعل نَجَماً صغيراً في ظلام الكون، يصمدُ ليُشِعَّ النور من بين ظلال الحرب والدمار.
تبقى غزة رمزاً للثبات، والعزيمة، وفارسَ النضال؛ لأنها تعلم أن الظلام مهما طال، لن يُطفئ نورها، وأن الخسوف، سواء كان خسوفًا للقمر أو جماد قلوب البشر.. لن يتوقف نبض الحياة، ولن يُخفيَ بريق الأمل. فكل جبروت الظلام يُعقِّدُ الطريق، لكنه لن يُنهي حلمًا، ولن يُقهر إرادة شعبٍ، يقاتل من أجل حقّه، ويؤمن أنَّ غدًا جديدًا ينتظر، يشرقُ من بين أوجاعه، كحقيقة غير قابلة للانتهاء، كعنقاء تنهض من رمادِ الدمار، وتشق طريقها نحو السلام والحرية.
الكاتبة من اليمن