**(كلمة سواء)**
✍️ عبد الإله عبد القادر الجنيد
________
ألم يرَ الذين كفروا وتَصَهِينُوا من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين لِآيَةِ كُسُوفِ القَمَرِ لَعَلَّهُمْ يَعْقِلُونَ.
وتلك آية من آيات الله البينات الشَّاهِدَاتِ على غضب الله وسخطه عليهم، تنذرهم بعذاب الله وتحذرهم من سوء العاقبة بما كانوا يفعلون.
وذلك من بعد إضلالهم لعباد الله وإفسادهم في الأرض، وجرائمهم المُهَوِّلَةِ التي يندى لها جبين الإنسانية، وطغيانهم الذي هم فيه يعمهون.
وكيف لا يكسف القمر محذرًا من غضب الله عليهم، حتى عكست الأرض حمرة أنهار الدماء التي هم لها يسفكون؟!
وما ذلك اللون الأحمر القاني الذي شوهد بجلاء على وَجْهِ القَمَرِ إلا انعكاسٌ لأنهار دماء الأبرياء المستضعفين في غزة والضفة ولبنان، ظلمًا وعدوانًا من قبل عدو محتل غاصب حقيرٍ لَعين.
إن ذلك الكسوف نَذِيرٌ لطغاة الأرض المجرمين، وإيذانًا بعذاب الله لهم ولمن والاهم وأطاعهم وخضع لهم ولاذ بالصمت عن جرائمهم، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يفقهون.
فلقد جاوز الظالمون من طواغيت أهل الكتاب المتصهينين المدى بطغيانهم وبغيهم، فتجبروا واستكبروا استكبارًا، وأكثروا في أرجاء المعمورة وأرض فلسطين ولبنان واليمن وإيران وسوريا ولاسيما غزة الفساد.
وأوغلوا في سفك دماء العباد بارتكاب المجازر والمذابح والحصار القاتل، وضحايا جرائمهم كل يوم في ازدياد.
وبينما غزة تُحرق وتُباد، والمسلمون في غفلة ورقاد، وضعف وهوان وخذلان وحياد.
وإذا بالمنافقين يصطفون إلى جانب أعداء الأمة والإنسانية، ويبادرون فيقدمون له الدعم والتأييد والإسناد.
وهكذا هو حال أمة استسلمت لطواغيت الأرض وسلمت لهم قيادها، فقابلت الاستبداد بالانقياد، وارتضت لنفسها العبودية، فهان على عدوها إذلالها وامتهانها بالاستعباد.
وتلك نتيجة حتمية لأمة تخلت عن أسباب نصرها وعزتها وعوامل قوتها، وتركت فريضة الجهاد.
فلما كان حال الأمة كذلك، استخفهم طواغيت أهل الكتاب، فاستجابوا للتطبيع مع المحتل اليهودي الصهيوني – أخطر مجرم على وجه الأرض – أذلة صاغرين.
فساقهم العدو للتطبيع سوقًا، وهم على ما يفعل المجرم الصهيو-يهودي بأهل غزة من جرائم إبادة وتطهير عرقي شهود.
ويرون المجازر والمذابح والتجويع حتى الموت رأي العين وهم قعود.
وعلى الرغم من كل تلك الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، لم يستسلم أبناء غزة للعدو وصمدوا صمود الجبال الرواسي.
ولم يَرْضَخْ المُجَاهِدُونَ الصَّابِرُونَ فِي غَزَّةَ لِلْعَدُوِّ بِكُلِّ عَزْمٍ وَثَبَاتٍ، وَقِتَالِهِمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مُعْتَمِدِينَ عَلَى اللَّهِ وَاثِقِينَ بِعَوْنِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ، حَتَّى زَوَالِ الكِيَانِ الغَاصِبِ مِنَ الوُجُود.
فضلاً عن الإسناد والدعم اليمني المنقطع النظير، وثبات اليمنيين على خيار الدعم والإسناد اللامحدود، والانتصار لمظلومي غزة جهادًا في سبيل الله، مهما بلغت التضحيات، وسيظل كذلك حتى النصر الكامل من الله سبحانه وتعالى، والفتح الموعود.
فكيف لا يعذبهم الله ويستأصل شأفتهم، وقد تجاوزوا في ظلمهم وطغيانهم وجبروتهم وفسادهم ظُلْمَ وَطُغْيَانِ قوم عاد وفرعون وثمود؟
وكذلك يختص الله عباده الصالحين وأوليائه القائمين بالحق المجاهدين في سبيله بالرعاية والعون والتأييد والإمداد، فينزل على أعدائه وأعدائهم سوء العذاب، وإن ربك للطواغيت لبالمرصاد.
وتلك سنة الله التي خلت في الذين من قبلهم لا تتبدل ولا تتحول، فعذاب الله آتٍ عليهم لا محالة، لا سيما وقد قام قائم آل محمد، وعلم الهدى، حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف، منذرًا ومحذرًا لهم من سوء المنقلب، وداعيًا لهم بدعوة الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، بقوله عز من قائل:
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» [آل عمران: 64].
وذلك هو التطبيع الذي أراده الله في كتابه العزيز، كونه تطبيعًا في إطار عبودية الله، فلا استعباد ولا استبداد، ولا نهب للثروات، ولا اغتصاب للأرض، ولا انتهاك للحرمات والحقوق، ولا ظلم ولا بغي ولا طغيان.
فلما لم يستجيبوا لدعوة الله، وازدادوا عتوًا ونفورًا، كفرًا على كفرهم، وطغيانًا على طغيانهم، وبغيًا على بغيهم.
وما كان الله سبحانه وتعالى ليعذبهم حتى بعث إليهم داعي الله يدعوهم إلى كلمة سواء، لقوله عز من قائل:
«وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا» [الإسراء: 15].
ولأنهم قابلوا دعوته بالإعراض والإنكار، جاء كسوف القمر نذير شؤم عليهم، وبشير خير ونصر وتمكين لأنصار الله وعباد الله المستضعفين المجاهدين المقاومين الأخيار.
قال تعالى:
«وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ . وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ . فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ . وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ . أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ . فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ . وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ . وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ . سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» [الصافات: 171-182].
والعاقبة للمتقين.
**والحمد لله رب العالمين.**
===========
*اللهُ أَكْبَرُ*
*الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا*
*الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ*
*اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ*
*النَّصْرُ لِلْإِسْلَامِ*
الكاتب من اليمن