فادي السمردلي يكتب: من يظن نفسه الأذكى لا يرى إلا جدار جهله (غباء)

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

 

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

قمة الغباء أن تظن أنك أذكى من الآخرين، وأنك الأرجح عقلًا والأكثر فهمًا، فهذا ليس مجرد مغالطة، بل هو انتحار فكري ونفسي فالإنسان الذي يعتقد أنه يملك مفاتيح العقل البشري وحده، ويملك الإجابات المطلقة عن كل سؤال، لا يعلم أنه قد سقط في حفرة عميقة من الجهل المطلق الذي لا يراه إلا من كان في ذيل وعيه فكيف يمكن للإنسان أن يظن نفسه أذكى من الجميع في وقت تتشابك فيه العقول والأفكار المتنوعة، وتتنوع فيه الخبرات والتجارب التي تغني من حوله؟ كيف يمكن لشخص أن يقيس ذكاءه مقارنةً بالآخرين دون أن يدرك أن الذكاء لا يتجسد في مجرد النطق بالكلمات أو القدرة على حل المسائل المعقدة، بل هو قدرة على فهم التباين الفكري والتفاعل مع هذا التباين دون غرور أو تكبر؟ الإنسان الذي يتوهم أنه أذكى من الآخرين يسجن نفسه في زجاجة مغلقة، حيث يظل غارقًا في خيالاته عن تفوقه، متجاهلًا الحقيقة الواضحة بأن هناك دائمًا من هو أكثر دراية ومعرفة في أمور معينة.

تلك العقلية المتعالية التي ترى في نفسها مصدر الحقيقة المطلقة هي أكبر سجن عقلي قد يعيشه الفرد فالإنسان الذي يظن أنه يمتلك الحقيقة بكاملها ويظن أن لا أحد يمكنه أن يضيف إلى معرفته لا يدرك أنه قد أغلق أبواب الفهم والنمو في وجهه فالعقل البشري ليس ثابتًا، إنه كالطين الذي يتشكل ويعيد تشكيل نفسه، وهو أداة حية تتطور وتتغير بناءً على التجارب التي يمر بها الفرد، والتفاعل مع محيطه فعندما تظن أنك أذكى من الجميع، فإنك تقف عائقًا أمام تطورك، وتقفز على فرص التعلم من الآخرين فكل فرد لديه طريقة مختلفة في التفكير والتفسير، وكل عقل يضيف شيئًا جديدًا إلى المجموع البشري فأن ترفض هذا التنوع الفكري هو دليل على ضيق الأفق، وكأنك تضع حاجزًا بينك وبين العالم بأسره.

قد تكون أكثر إلمامًا بموضوع ما، وقد تكون لديك خبرة أكثر من غيرك في مجالات معينة، لكن هذا لا يعني أنك في القمة من كل الجوانب إن كل شخص يمتلك نقطة قوة ونقطة ضعف فالإنسان الذي يعتقد أنه أذكى من الآخرين يغفل عن هذه الحقيقة البسيطة، ويعيش في وهم العظمة الذي يحجب عن نظره الحقائق التي قد تغير مجرى حياته والأدهى من ذلك، أن هذا الشخص يقنع نفسه بأن الآخرين هم الذين يفتقرون إلى الذكاء أو الفهم وفي الحقيقة، قد يكون هو من يعاني من جهل عميق، إذ أنه لا يعي ضعفًا في فهمه للعديد من الأمور التي قد يغفل عنها ويستمر في غروره دون أن يستفيد من معارف الآخرين.

لا يمكن للعقل البشري أن يتقوقع في نقطة واحدة، فالحياة مليئة بالتحديات والأسئلة المعقدة التي تتطلب أشخاصًا مختلفين بعقول متعددة ليتمكنوا من التعامل معها بشكل صحيح فمن يظن أنه الأذكى يفقد القدرة على التعاون والتفاعل مع الآخرين، لأنه ببساطة يتعامل معهم وكأنهم مجرد أدوات لا قيمة لها في معادلة المعرفة لكن الحقيقة أن الحياة لا تعمل بتلك الطريقة فحتى أعظم العلماء والفلاسفة كانوا يمرون بلحظات شك، وكانت معرفتهم تتوسع وتغتني بفضل من حوله فإن تقديرك لما يقدمه الآخرون هو سمة من سمات الذكاء الحقيقي، الذي يتجاوز حدود الأنانية والتعالي فإذا كنت تظن أنك أذكى من الجميع، فهذا يعني أنك ترفض هذه الفكرة الأساسية وأن من حولك يحملون مفاتيح لنموك وتطورك الشخصي.

من أكثر الجوانب تدميرًا لهذا الاعتقاد، هو أنه يقود الشخص إلى الجهل الذاتي ففي لحظة ما قد يشعر الشخص الذي يعتقد أنه أذكى من الجميع بشعور زائف من الأمان الداخلي، ولكنه في نفس الوقت يغفل عن مدى محدودية معرفته، ويضيع فرصًا ثمينة للتعلم والنمو فبينما يعترف الآخرون بأخطائهم ويتعلمون منها، يبقى الشخص المتغطرس في دائرة مغلقة، يعتقد أن لا شيء يمكن أن يتغير. لكن الحقيقة التي لا مفر منها هي أن هذا الغرور، على الرغم من كونه يعزز شعور الشخص بقيمته الذاتية، إلا أنه في الواقع يقوده إلى فقدان أفقه الفكري والإنساني، ويجعل منه كائنًا جامدًا، عاجزًا عن التكيف مع التغيرات المستمرة في العالم من حوله.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا