التظاهر بالدين بين الصلاة والصوم وغياب أخلاق الإسلام

محي الدين غنيم  ….

 

الدين لم يكن يوما مجرد مظاهر شكلية من صلاة وصوم وزكاة وحج، بل هو في جوهره أخلاق وسلوك ومعاملة. يقول رسولنا الكريم “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، وهذه الكلمة وحدها كافية لتبيان أن العبادات ما هي إلا وسائل لترسيخ القيم، لا غايات بذاتها إذا فقدت معناها.

لكننا في واقعنا نجد من يتظاهرون بالتدين؛ يصلون في الصف الأول ويصومون رمضان، غير أن أفعالهم تناقض جوهر الإسلام. فهم يغتابون ويكذبون ويظلمون الناس في حقوقهم، ويتعاملون بالأنانية والكبر، كأن الدين مجرد لباس أو طقوس تؤدى أمام الناس، بينما القلوب خاوية من الإيمان الحقيقي.

الإسلام لم يشرع الصلاة إلا لتنهى عن الفحشاء والمنكر، ولم يفرض الصيام إلا ليعلمنا التقوى، ولم يجعل الزكاة إلا لتطهير النفس من الشح والبخل. فإذا غابت هذه الثمار، صارت العبادات حركات جسدية لا روح فيها. وقد حذر القرآن الكريم من هذه الظاهرة بقوله: “فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يُراؤون” .

إن أخطر ما يواجه المجتمعات ليس ضعف الإيمان فحسب، بل الرياء والتدين الشكلي؛ لأن صاحبه يظن أنه على صواب بينما هو بعيد عن جوهر الدين. وهذا التناقض يولِّد فجوة بين الناس والدين، ويجعل البعض ينفرون من الإسلام بسبب سوء التطبيق من بعض المنتسبين إليه.

لذلك، فإن المعيار الحقيقي للتدين ليس طول السجود ولا عدد الركعات، وإنما الصدق في القول، والأمانة في العمل، والرحمة في المعاملة، والتواضع مع الخلق. فمن صلى وصام ولم يزده ذلك إلا جفاءً وقسوة، فليعلم أنه لم يفهم رسالة الإسلام.

فالدين في النهاية ليس ما نظهره أمام الناس، بل ما نخفيه في قلوبنا ويظهر في سلوكنا اليومي. فالصلاة بلا أخلاق، والصوم بلا تقوى، ما هما إلا قشور لا تُغني عن لبّ الإسلام شيئًا.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا