ترمب يضع “العُقَد” أمام “المنشار” في خطته الأخيرة للحل في غزة

بقلم طوفان الجنيد  ….

 

ترمب وخطته الملغومة:
لم يعد أحد من ذوي الألباب في هذا العالم لا يعرف الرئيس المعتوه ترمب المجرم، ولا يعرف تصرفاته السياسية المليئة بالعنجهيّة والاستكبار والاستخفاف والاستهتار بالآخرين وقضايا الشعوب الحليفة والمناوئة على سواء. فالعالم اليوم أصبح متيقنًا أن رئيس الولايات المتحدة وبعض القيادة الأمريكية عدو للإنسانية، وتسخّر كل إمكاناتها لخدمة العدو الصهيوني وتشاركه جرائم الإبادة الجماعية في غزة أو في غيرها.
من ذا الذي لا يعلم أن الدعم الأمريكي للعدو الصهيوني بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة وبصورة مستمرة، ناهيك عن الدعم الاقتصادي بالمليارات من الدولارات التي تُحلب من الحلفاء والأدوات التابعة لها؟ أيًّا كان ذلك، فهناك أيضًا الدعم السياسي؛ فللمرة السادسة تُستخدم أمريكا حقّ الفيتو بمجلس الأمن وتُبطل قرار وقف إطلاق النار في غزة. وها هي اليوم تأتي إلينا بمبادرة أو خطة معظم بنودها قاتلة وفَنّاكَة، ولا تخدم إلا العدو الصهيوني وتمكنه من التمدد والاستيلاء على فلسطين وبعض الأراضي العربية.
وفي سياق الإعلان عن خطته المزعومة للحل في غزة، يبدو أن الرئيس الأمريكي المعتوه دونالد ترمب يُعيد إنتاج نفس النهج الأحادي الذي اتبعه فيما يسمى بـ”صفقة القرن”، لكن هذه المرّة بصيغة أكثر خطورة وسذاجة. الخطة الجديدة، كما تبدو في ملامحها الأولية، ليست سوى محاولة لتنفيذ أجندات ومشاريع احتلالية خبيثة؛ وما لم يستطع أخذه بالقوة والسياسة الاستكبارية سيأخذه بالمكر والخداع تحت عناوين شتّى، بينما الهدف الأساسي هو القضاء على المقاومة ونزع سلاحها في كل المنطقة العربية والإسلامية.
منهجية الحل الوهمي:
ما يقوم به ترمب في خطته يشبه تمامًا من يضع “العقَد” أمام “المنشار”؛ أي أنه يتعامل مع القضية من نهاياتها دون أن يبدأ من جذورها. الحديث عن حلول اقتصادية أو إدارية دون معالجة القضية الجوهرية — قضية الاحتلال والاستيطان والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني — هو ضرب من الوهم. إنه يُحاول “تأجيج الصراع” بدلًا من “حله”، معتقدًا أن بإمكانه تجاوز الحقائق على الأرض بخطط وألاعيب سطحية لا تراعي تاريخًا دامٍ من المعاناة والتضحية.
العُقَد التي يتجاهلها ترمب:
1- عقدة الحقوق التاريخية: فالقضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية أو اقتصادية، بل هي قضية شعب طُرِد من أرضه وحُرِم من حقه في تقرير المصير. أي حل لا يعترف بهذه الحقيقة يكون قد بدأ من النهاية دون أن يمر بالبداية.
2-عقدة القدس: كيف يمكن فصل قضية غزة عن قضية القدس التي تمثل قلب الصراع؟ وكيف يمكن تجاهل حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين تشتتوا في أصقاع الأرض؟ هذه “عُقَد” تحتاج إلى فكّها بملاقط السياسة العادلة والحلول التاريخية، لا بالتصرفات العنجهية والخطط والقرارات الأحادية.
3- عقدة الشرعية الدولية: أي حل يجب أن يستند إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
تجاهل هذا الإطار يعني مزيدًا من المغالطة والاستمرار في حرب الإبادة الجماعية.
الخطة التي يروج لها ترمب — المجرم — لا تحمل خطر الفشل فحسب، بل قد تؤدي إلى تفجير الوضع أكثر مما هو عليه. فمحاولة فرض حلول غير متوازنة تشعل المنطقة بدلًا من أن تهدئها، وتزيد من إحساس الفلسطينيين بالإحباط والظلم، وهو ما قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من العنف وعدم الاستقرار.
فالحل الحقيقي يبدأ بالاعتراف بالحق الفلسطيني الكامل، ووقف الاستيطان، والتفاوض الجاد تحت مظلّة دولية تضمن العدالة والإنصاف. وأي حل غير هذا فهو طريق آخر للهروب إلى الأمام وبيع للوهم والزيف الدبلوماسي المقيت.
خاتمة:
مثل هذه الألاعيب، حسب اعتقادي، وأسلوب الخداع واكتساب المزيد من الوقت على حساب دماء الأطفال والنساء في غزة، لا تنمّ إلا عن هستيريا شيطانية واستهتارًا بالدم العربي وتجاوزًا لكل القوانين الدولية، وتأسيسًا لخريطة جغرافية للعالم تتماشى مع نزوات الاحتلال ومشاريعهم الخبيثة. كما هي انعكاس لرؤية قاصرة تستسهل الحلول السطحية على حساب المعالجات الجذرية.
التاريخ لن يرحم من يتخاذل ويتآمر ويتماهى مع العدو الأكبر للسلام وللإنسانية وللإسلام: أمريكا والكيان النازي الصهيوني.
وما أخذ بالقوة لا يُسترد إلّا بالقوة. فهل تسمعون وتعقلون يا أمةَ الإسلام والإنسانية؟

الكاتب من اليمن

قد يعجبك ايضا