فادي السمردلي يكتب: التوافق لأجل الإقصاء دمار للمنظومة واغتيال للفكرة
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
في واقع المؤسسات والمنظمات، تُعتبر اللجان والهيئات الداخلية الحجر الأساسي لصنع القرار وتوجيه السياسات وتنظيم العمل إلا أن القوة الحقيقية لهذه الهيئات لا تأتي من وجودها فحسب، بل من طبيعة التوافق الذي يسود بين أعضائها وهنا يظهر الفرق الجوهري بين التوافق البنّاء الذي يسعى لتحقيق المصلحة العامة، والتوافق الظاهري الذي يُستغل لأغراض الإقصاء السياسي أو الهيمنة الداخلية فالتوافق لأجل الإقصاء ليس مجرد خطأ إداري، بل ممارسة سياسية خطيرة تهدد أي منظومة، وتعرضها للضعف والانهيار، ويجب معالجتها بالحزم والوعي الكامل بخطرها على المؤسسة بأكملها.
التوافق البنّاء يقوم على الحوار المفتوح، واحترام التنوع في الآراء والخبرات، والاستفادة من اختلاف وجهات النظر في تعزيز جودة القرار وكفاءته فهذا النوع من التوافق يعكس وعيًا مؤسسيًا رصينًا، حيث يُنظر إلى كل عضو باعتباره شريكًا في العملية، وليس عقبة يجب تجاوزها أو تفاديها ولكن التوافق لأجل الإقصاء يُحوّل العملية برمتها إلى أداة للسيطرة، ويُستغل لإقصاء أصحاب الآراء المخالفة أو المستقلين، في محاولة لإحكام قبضته على صنع القرار وهذا النهج السياسي السلبي ليس فقط ظالمًا، بل مدمر، لأنه يقتل روح المشاركة، ويهدر الخبرات، ويقوض أي شعور بالانتماء أو الالتزام لدى الأعضاء المستبعدين.
إن النتائج المترتبة على هذا السلوك واضحة ومباشرة فالمؤسسات التي تسمح للتوافق أن يتحول إلى أداة إقصاء تعاني من ضعف الأداء، وانعدام الشفافية، وتراجع جودة القرارات فالإقصاء يولد ثقافة الخوف والتردد، ويضعف التعاون، ويخلق صراعات داخلية طويلة الأمد يمكن أن تؤدي إلى تفكك الهيكل التنظيمي ومن منظور سياسي، فإن التوافق لأجل الإقصاء ليس سوى استغلال للسلطة الداخلية بطريقة قصيرة النظر، إذ يضحي بمصلحة المنظومة العامة من أجل مكاسب ضيقة أو هيمنة لحظية وإذا استمر هذا النمط، فإن سقوط المنظومة يصبح مسألة وقت لا أكثر، لأن الأسس التي تقوم عليها المؤسسات—الثقة، المشاركة، والشفافية—تُقوض بشكل كامل.
من هنا تأتي الضرورة السياسية لمواجهة هذا التصرف والتحذير منه فأي قيادة أو هيئة داخلية يجب أن تجعل من التوافق البنّاء حجر زاويتها، وأن تضع سياسات صارمة تمنع استخدام التوافق لأغراض الإقصاء ويشمل ذلك إشراك جميع الأعضاء في النقاشات، تعزيز الشفافية، تطوير آليات لمراجعة القرارات، وخلق بيئة مؤسسية تُقدّر التنوع وتحتضن الاختلاف وعدم القيام بذلك ليس فقط خطأ إداريًا، بل سلوك سياسي مدمر يعرض المؤسسة للفشل، ويخلق بيئة خصبة للانقسامات والصراعات الداخلية التي يمكن أن تقوض أي جهود للتقدم أو التطوير.
وفي النهاية، يصبح واضحًا أن التوافق لأجل الإقصاء هو دمار المنظومة أي هيئة أو لجنة تختار أن تحصر التوافق في دائرة محددة أو تستخدمه لفرض السيطرة على الآخرين، تسير بخطى ثابتة نحو التفكك والفشل فالمؤسسات القوية هي تلك التي تضمن مشاركة الجميع، وتحترم التنوع، وتضع مصالح المنظومة العامة فوق أي حسابات ضيقة فالتوافق البنّاء ليس خيارًا بل ضرورة سياسية، والإقصاء الداخلي ليس مجرد خطأ إداري بل جريمة مؤسسية، تهدد استقرار أي منظومة، وتقودها نحو السقوط إذا لم يتم مواجهته بحزم ووعي كامل.
الكاتب من الأردن