التظاهرات في المغرب… الشعب يريد إسقاط الفساد .. المغرب إلى أين؟
محي الدين غنيم ….
يشهد المغرب منذ سنوات حراكاً شعبياً متقطعاً، يخرج إلى العلن بين الحين والآخر كلما ضاقت سبل المعيشة بالناس، وازدادت الهوة بين وعود الإصلاح والواقع المليء بالتحديات. فاليوم، يتردد في الشوارع شعار لافت: “الشعب يريد إسقاط الفساد”، وهو شعار يلخص حجم الغضب الشعبي المتراكم على مدى عقود، حيث يشعر المواطن المغربي بأن الفساد تحول إلى عائق بنيوي يمنع أي إصلاح حقيقي من التحقق.
الفساد الذي يتحدث عنه الشارع المغربي ليس مجرد حوادث فردية، بل هو منظومة مترابطة، تبدأ من غياب الشفافية في إدارة الثروات الوطنية، مروراً بضعف المحاسبة، وصولاً إلى تهميش الشباب وحرمانهم من فرص العيش الكريم. الشعب يرفع صوته لأنه يرى ثروات البلاد لا تنعكس على حياته اليومية، ولأن مؤشرات البطالة والفقر وغلاء الأسعار تثقل كاهله، فيما الفئات النافذة تستأثر بالنصيب الأكبر من خيرات الوطن.
السؤال الجوهري الذي يطرحه المتظاهرون اليوم: المغرب إلى أين؟
هل يسير نحو إصلاح حقيقي يضع حداً لهيمنة الفساد واحتكار السلطة والثروة؟
أم أن البلاد ستظل تراوح مكانها، في دائرة الوعود غير المنجزة والشعارات الرسمية التي لا تترجم على أرض الواقع؟
المغرب يقف اليوم على مفترق طرق. فإما أن تستجيب الدولة بجرأة لمطالب الشارع من خلال قرارات عملية، تشمل إصلاح القضاء، محاربة الفساد بآليات شفافة، وضمان توزيع عادل للثروات، أو أن تظل الأزمة تتفاقم حتى تصل إلى مستويات تهدد السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي.
إن صوت الشارع ليس مجرد صرخة عابرة، بل هو إنذار مبكر، ورسالة واضحة مفادها أن الإصلاح لم يعد ترفاً، بل ضرورة وجودية. وإذا كان الشعار الشعبي اليوم هو “إسقاط الفساد”، فإن المرحلة المقبلة ستحدد إن كان المغرب قادراً على مواجهة هذه التحديات بشجاعة، أم أنه سيسير نحو مزيد من الاحتقان.
فالمغرب إلى أين؟ الجواب متوقف على إرادة الإصلاح الحقيقية، وعلى قدرة الدولة في استيعاب مطالب الناس وتحويلها إلى واقع ملموس قبل أن يفوت الأوان.
الكاتب من الأردن