فادي السمردلي يكتب: نسناس البشر طعنة الغدر في قلب المجموعة – قراءة نقدية

بقلم فادي زواد السمردلي. …

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

النسناس في المعنى المجازي ليس مجرد صورة ساخرة لكائن خفيف الحركة، بل هو تجسيد لإنسان نصفه جد ونصفه عبث، لا يعرف له وجه واحد، ولا ملامح ثابتة، ولا ولاء حقيقي فنسناس البشر هو ذلك الشخص الذي يعيش على التلون والتقلب، يتحرك بين الجماعات والأصدقاء والأعداء كما يتحرك القرد بين الأغصان، لا يلتزم بمبدأ أو انتماء إلا إذا خدم مصلحته الشخصية، مهما كانت بسيطة أو تافهة وفي هذا السلوك تنكشف صورة مأساوية عن العلاقات الإنسانية فالمصلحة الضيقة هنا تحجب كل شعور بالوفاء أو المسؤولية الاجتماعية، ويصبح الشخص مجرد مهرج يتقافز بين الأقنعة، يضحك ويخدع، يبيع الجماعة وهو يبتسم لهم، ويخفي خيانته خلف كلمات منمقة وابتسامة زائفة.

نسناس البشر ليس مجرد خائن عابر، بل هو قوة سلبية تضعف الثقة بين الناس فمن خلال ممارساته اليومية، يظهر قدرته على المراوغة والتلاعب بالكلمات والمشاعر، فيصوّر نفسه مخلصًا وملتزمًا، بينما في الحقيقة يسعى وراء مكاسبه الخاصة، ولا يهمه إن كان مستفيدًا من خصم سابق أو من من ينبذه من البداية.فهذا النوع من الناس يفضّل الكسب الفوري على القيم، ويجعل مصالحه الصغيرة أهم من العلاقات الطويلة أو التزامات الجماعة، وهو ما يؤدي إلى تشويه الروابط الاجتماعية وتآكل الثقة بمرور الوقت.

اللغة الهجائية التي تصف النسناس هنا ليست مجرد مبالغة، بل أداة لتوضيح تأثير هذا السلوك على المجتمع فالنسناس الاجتماعي يشبه المسخ نصفه ظل، نصفه جسد، وعلاقاته قصيرة ومجتزأة، بلا عمق، بلا استقرار فيترك أثرًا سامًا على من حوله، فالجماعات التي تعيش بين أفراده تجد نفسها غالبًا فريسة للشك والخوف من الخيانة، وتفقد قدرتها على التماسك أمام أي تحديات فحتى اللحظات التي يظن فيها النسناس أنه انتصر أو نجح، يبقى محاصرًا بسيرته، لأن الزمن كفيل بفضحه، والعقل الجمعي لا ينسى كيف غدر بالثقة.

من منظور نقدي، النسناس يكشف هشاشة الإنسان الذي يجعل من المصلحة القصيرة المدى معيارًا للسلوك، متناسيًا القيم والمبادئ العليا التي تبني مجتمعًا مستقرًا وتسليط الضوء على هذا النوع من الشخصيات في المقال ليس مجرد هجاء، بل قراءة نقدية للكيفية التي تتآكل بها الجماعة من الداخل حين يسمح أعضاؤها للأنانية بالسيطرة، وكيف يصبح “المهرج” محورًا سلبيًا يفرغ الجماعة من الولاء ويزرع الريبة والخداع.

في النهاية، نسناس البشر ليس مجرد شخصية فردية، بل رمز اجتماعي لما يحدث حين يتغلب الطمع والانتهازية على النزاهة والوفاء فقراءة نقدية كهذه تتيح للقارئ فهم تأثير الأفعال الصغيرة على النسيج الاجتماعي، وتذكّره بأن الأشخاص الذين يضحكون في وجوه الآخرين ويخدعهم من أجل مصالحهم هم في النهاية مسخ متقافز بين الأقنعة، يختبئ وراء التظاهر، ويظل مكشوفًا لمن ينظر بتمعّنز فالمجتمع، مهما كان صبورًا، يكتشف عاجلاً أم آجلاً حقيقته، ويترك وراءه أثر التحذير لكل من يسعى وراء المصلحة الضيقة على حساب الكرامة والولاء.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا