فادي السمردلي يكتب :لا حاجة للسيف لتذبح دجاجة حكمة الابتعاد عن التفاهات البشرية

بقلم فادي زواد السمردلي ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

هناك أوقات في الحياة يدفعنا فيها الشعور بالواجب أو الإحساس بالمسؤولية إلى مواجهة مواقف وأشخاص لا يستحقون عناء اهتمامنا، ولا يحتاج الأمر إلى تصعيد أو عنف رمزي لإثبات وجهة نظرك، بل يكفي أن تعرف متى تغادر. “لا حاجة للسيف لتذبح دجاجة” ليست مجرد جملة مجازية، بل هي فلسفة عملية في التعامل مع التافه والمضلل والمستنفد للطاقة فهناك من يحيطون بك بعالمهم الصغير، مستبدين بأهوائهم الشخصية، يديرون أفكارهم ومشاريعهم لمصلحتهم الخاصة على حساب المصلحة العامة، في حين تستمر محاولاتك لإصلاح الأمور كالمطر الذي يضيع في الرمال فعند هذه النقطة، يصبح الاستمرار في التورط عبئًا لا طائل منه، فلا داعي لأن تهدر قوتك أو أن ترفع سيفك في مواجهة ما لا يستحق حتى العناء.

إن التفاهة ليست مجرد صفة سلوكية، بل هي انعكاس لغياب المسؤولية والوعي فقد تجد نفسك في بيئة عمل أو في علاقة شخصية تدار بعشوائية وارتجال، حيث تتصادم جهودك مع جدار من الأنانية أو الجهل المقصود فهناك من يظنون أن نصيحتك محاولة لتقويمهم، بينما هي في الواقع مجرد إشارات ضوء ترفض أعينهم رؤيتها فحين تصطدم بهذه الحقيقة، فإن أكثر الخيارات حكمة هو الابتعاد، دون الحاجة لمواجهة أو جدال، لأن الجدال في مثل هذه الحالات ليس سوى مضيعة للوقت وإهدار للطاقة العقلية فالابتعاد هنا ليس ضعفًا، بل هو قوة خفية—قوة التقدير الذاتي والحكمة في اختيار المعارك التي تستحقك فعلاً.

الفكرة الجوهرية تكمن في إدراك أن بعض الأشخاص والأمور لا يمكن إصلاحها إلا إذا كان هناك استعداد داخلي لتلقي النصح والتغيير فإذا لم يكن هناك من يقبل النصح، وإذا كان كل تصرف أو قرار يتخذونه ينبع من المصلحة الذاتية فقط، فكل محاولة منك للإصلاح تصبح بلا جدوى، وكأنك تحاول صيد طائر بلا جناحين فلا تحتاج حينها لأن تتصادم معهم أو أن تسعى لإثبات نفسك ببساطة، ابتعد، وركّز على ما يستحق فعلاً طاقتك ووقتك واهتمامك.

وهنا تظهر قيمة المقارنة بين الجدير وغير الجدير فهناك قرارات ومواقف هامشية لا تستحق أن تحول حياتك أو وقتك من أجلها إلى ساحة معارك ففي هذه الحالات، التراجع والابتعاد هو الفعل الأكثر نضجًا فلا داعي لأن تلتفت إلى من لا يرى سوى مصلحته الضيقة، ولا داعي لأن تفسد عقلك أو قلبك بمحاولة التغيير المستحيل فالحكمة تكمن في اختيار معاركك بعناية، وفي معرفة متى يكون الصمت أبلغ من الكلام، ومتى يكون الابتعاد أقوى من المواجهة.

الابتعاد عن التافهين والمضللين لا يعني الانسحاب الكامل من الحياة، بل هو إعادة ترتيب أولوياتك، وحماية نفسك من الاستنزاف العاطفي والعقلي فعندما تختار الرحيل عن ما لا يستحقك، فإنك تعطي لنفسك الفرصة للتركيز على ما يفيدك فعلًا—على مشاريع حقيقية، علاقات صادقة، وأهداف تستحق وقتك وجهدك فهذا النوع من القرارات يتطلب شجاعة داخلية ووضوحًا في الرؤية، لكنه يمنحك حرية أكبر، وراحة أعمق، وكرامة لا تهتز.

في النهاية، “لا حاجة للسيف لتذبح دجاجة” هي دعوة للوعي الذاتي، للتقدير الصحيح لقيمة وقتك وجهدك، وللحكمة في اختيار ما يستحق اهتمامك وما يجب أن تتركه يمضي دون مقاومة فالابتعاد ليس استسلامًا، بل هو تصعيد لنفسك، لحريتك، ولطاقتك، ليظل كل ما تفعله نابعًا من الاختيار الواعي، لا من الضرورة أو الإحباط فالتفاهة لا تحتاج إلى مواجهة، بل تحتاج إلى تجاهل استراتيجي، إلى الانسحاب من ساحتها، والترك لما لا يستحق أن يعكر صفو حياتك.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا