الملك عبدالله الثاني صوت القدس ونبض غزة
ايمان شاهين. ..
منذ أن اشتعلت نار العدوان على غزة، والعالم يرقب موقف الأردن وقيادته كما يرقب نبع ماء في صحراء عطشى، فالأردن الذي لم يساوم يومًا على حق، ولم يبدل موقفه تبعا لرياح السياسة، يقف بصمود في وجه العاصفة ثابتا على البوصلة لا يحيد عن القدس، ولا يغفل عن غزة
في العدوان الاسرائيلي على غزة والجرائم التي ارتكبها الكيان الغاصب كان الملك عبدالله الثاني أول من رفع صوته عاليا في وجه الصمت العالمي، تحدث بوضوح لا لبس فيه إن ما يجري في غزة ليس حربا، بل جريمة إبادة ضد الإنسانية، وإن العالم إن لم يتحرك ليوقفها، فسيكون شريكا في دم الأطفال والنساء والمظلومين، لم تكن كلمات الملك مجاملة دبلوماسية، بل صرخة ضمير من قائد عربي أدرك مبكرا أن الصمت موت، وأن الموقف كلمة شرف لا تشترى ولا تباع
الأردن لم يكتف بالموقف السياسي، بل تحرك ميدانيا وإنسانيا فأرسل المساعدات والقوافل الطبية والإغاثية إلى غزة، وأنشأ المستشفيات الميدانية منذ الأيام الأولى، وفتح كل قنواته الدبلوماسية والإنسانية للتخفيف عن أهلها الذين وجدوا في الأردنيين إخوة وسندا
أما الملك عبدالله الثاني فقد حمل القضية الفلسطينية كما حملها والده الراحل الحسين بن طلال من قبله في كل محفل دولي، لا يذكر اسم الأردن إلا وتُذكر القدس وغزة إلى جانبه، وفي الاجتماع الأخير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يكن اللقاء بروتوكولا سياسيا بل كان مواجهة هادئة بين الحق والتاريخ من جهة، وبين حسابات المصالح من جهة أخرى، تحدث الملك بلسان العروبة والإنسانية، مؤكدا أن لا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ودون وقف العدوان على غزة فورا، وإيصال المساعدات إليها بلا قيود ولا شروط
هذا هو عبدالله الثاني، القائد الذي ما انحنى إلا لله، وما ساوم على القدس، وما غاب صوته يوم خفتت الأصوات، في زمن يختلط فيه الموقف بالصفقة، يصر الملك على أن تبقى فلسطين قضية شرف، لا بندا تفاوضيا ومنذ توليه العرش ظل الأردن في الصف الأول من معركة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية سياسيا وإنسانيا وأمنيا، متحملا ما لا تتحمله دول أكبر منه لكنه لم يتراجع، لأن التاريخ لا يرحم من يخذل القدس
غزة اليوم تعرف جيدا من وقف معها في محنتها، ومن أرسل إليها الدواء والغذاء والدعاء، ومن رفع اسمها في المنابر العالمية دفاعا عن حقها في الحياة، تعرف أن الأردن لم يغلق حدوده في وجه الألم، ولم يغلق قلبه في وجه المحن، لقد كتب الملك عبدالله الثاني فصلا جديدا من فصول الشرف العربي، حين واجه العالم بموقفه الثابت أن فلسطين ليست قضية شعب واحد، بل قضية أمة بأكملها، وأن الأردن باق على عهده، وفيا لتاريخه، أمينا لرسالته، صادقا في نصرة إخوته
وهكذا يبقى صوت الملك صوت الضمير العربي الحي، يبقى الأردن أرض الرباط، وقلعة الموقف، وجسر الرحمة الممتد إلى غزة والقدس
فما خذل الأردن يوما فلسطين، ولن يخذلها ما دام فيها ملك اسمه عبدالله الثاني بن الحسين، وما دام فيها شعب لا يعرف إلا الوفاء طريقا، ولا يرى في الحق إلا مبدأً يُقاتل لأجله حتى النهاية
الكاتبة من الأردن