فادي السمردلي يكتب: القوة الحقيقية للحزب الوطني بين الجذب والطرد البنية الداخلية معيار البقاء والتأثير

بقلم فادي زواد السمردلي. ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

القوة الحقيقية لأي حزب سياسي في الأردن لا تُقاس بالشعارات الرنانة أو الظهور الإعلامي، بل بالقدرة على إدارة بنيته الداخلية بشكل صارم وواضح، وتحويلها إلى آلة تنظيمية جاذبة للأعضاء والداعمين فالحزب الذي يعاني من غياب الهيكلية الواضحة، أو لا يحدد الصلاحيات والمسؤوليات بشكل حازم، يفقد بسرعة أي تأثير، حتى لو كان لديه قاعدة شعبية خارجية فغياب التنظيم الداخلي يخلق فوضى تعطل القرارات وتبقي الأعضاء في حالة إحباط دائم، بينما الحزب المنظم قادر على تحويل أعضاءه إلى قوة نشطة، يشعرون بالانتماء والفاعلية، ويعملون بجد على تعزيز حضور الحزب في الساحة السياسية.

من أبرز عوامل الجذب الداخلي هي القيادة التي تتمتع بالصرامة والوضوح في الرؤية والسياسات فالقيادة الناجحة ليست تلك التي تدلي بتصريحات عامة فقط، بل التي تحدد معايير واضحة للانتماء والمشاركة، وتطبق القوانين والقرارات بدون مجاملة أو تحيز إضافة إلى ذلك، توفير برامج تدريبية لتطوير الكفاءات السياسية والإدارية، وتمكين الأعضاء من التعبير عن آرائهم والمساهمة في صناعة القرار، يمثلان حجر الأساس في بناء حزب جاذب، لأن الأعضاء لا ينجذبون إلى شعارات فضفاضة بل إلى فرص حقيقية للتأثير والمشاركة الفعّالة.

مرونة الحزب في مواجهة التغيرات الاجتماعية والسياسية تمثل أيضًا عنصر جذب حاسم، لكنها يجب أن تترافق مع حزم تنظيمي يمنع الانزلاق إلى القرارات العشوائية أو التنازلات المفرطة فالحزب الذي يستطيع التكيف مع الواقع دون أن يفقد هيكله الداخلي أو قيمه الجوهرية، يكسب ثقة أعضائه ويحتفظ بقدرة عالية على توسيع قاعدته كما أن القدرة على بناء تحالفات استراتيجية والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار الوطني تضاعف قوة الحزب، وتجعله منافسًا حقيقيًا في المشهد السياسي، بدل أن يكون مجرد كيان شكلي بلا تأثير.

على الجانب الآخر، هناك عوامل طاردة داخلية واضحة وحاسمة يمكن أن تدمر أي حزب مهما كانت شعبيته أو شعاراته فالفوضى التنظيمية، المحسوبية، وتفضيل بعض الأفراد دون أي معيار واضح، تؤدي إلى تآكل الثقة والولاء بسرعة وغياب الشفافية وتهميش قاعدة الأعضاء يخلق شعورًا بأن الحزب ليس إلا أداة لمصالح القيادة، مما يدفع الأعضاء إلى الانسحاب أو التحول إلى بيئات أكثر عدلاً وفاعلية فأي حزب يسمح بهذه الانتهاكات الداخلية يفقد قدرته على جذب الكفاءات والاحتفاظ بها، حتى لو كان يتظاهر بالقوة أمام الرأي العام.

تتفاقم عوامل الطرد عندما تتناقض خطابات القيادة مع سلوكها الفعلي فأي حزب وطني يعلن التزامه بالديمقراطية أو العدالة الاجتماعية، لكنه يمارس العكس داخل هيكله التنظيمي، يفقد بسرعة مصداقيته وشرعيته فتجاهل الاحتياجات الواقعية للقاعدة، أو إدارة الخلافات الداخلية بشكل غير عادل، يولد بيئة عدائية داخلية تدفع الأعضاء للابتعاد أو للتخلي عن العمل الحزبي كليًا.

بناءً على ذلك، يتضح أن القوة الجاذبة لأي حزب أردني وطني حقيقي تعتمد بشكل مطلق على بنية داخلية صارمة، عادلة، وشفافة، تستطيع دمج الجذب مع الحد من الطرد فالحزب القوي هو من يعرف كيف يحافظ على ولاء أعضائه ويحفزهم على المشاركة الفاعلة، بينما الحزب الضعيف هو من يغفل هذه القواعد، فيصبح هشًا، عاجزًا عن التأثير، معرضًا للتفكك والضعف أمام أي تحدٍ سياسي.

باختصار، دراسة القوة الجاذبة لأي حزب في الأردن تكشف حقيقة صارخة نجاح الحزب لا يُبنى على الشعارات أو الشعبية الخارجية، بل على إدارة صارمة للبنية الداخلية، وتطبيق معايير حازمة للجذب والطرد، وبناء بيئة تعزز الولاء والعمل الجماعي الفعّال، وإلا فإن أي حزب مهما بدا قوياً سيظل هشًا وعرضة للانهيار الداخلي.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا