فادي السمردلي يكتب:الدورة البرلمانية القادمة فرصة للأحزاب فهل تستغلها أم تهدرها مجددًا؟
بقلم فادي زواد السمردلي. ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
المجلس النيابي الأردني القادم ليس مجرد محطة روتينية في الحياة السياسية، بل هو اختبار حقيقي لكل حزب سياسي يسعى لإثبات نفسه تحت قبة البرلمان فالمواطن الأردني لم يعد يقبل الشعارات أو المناكفات السياسية، فهو يريد نتائج ملموسة وقرارات واقعية تنعكس على حياته اليومية فالأحزاب التي ستجلس تحت القبة أمامها فرصة تاريخية لإثبات جدارتها، لكنها في الوقت نفسه أمام اختبار صعبة هل ستستثمر هذه الساعة الذهبية، أم ستكرر الأخطاء نفسها وتفشل في تقديم ما وعدت به ناخبيها؟
الأحزاب هي المحك الأكبر فدخولها البرلمان لا يجب أن يكون مجرد احتلال مقاعد أو توسيع نفوذها الرمزي، بل مسؤولية حقيقية والمطلوب منها أن تتحرك وفق برامج واضحة، وأن تضع مصلحة المواطن فوق أي مصالح شخصية أو ضيقة فكل حزب يُهدر هذه الفرصة، وسيثبت أنه لا يملك القدرة على التحول إلى قوة تشريعية حقيقية، بل مجرد أداة لمناورات سياسية أو تبادل المواقع والمراكز داخل المجلس.
المطلوب من الأحزاب أن تتحمل المسؤولية الكبرى في إعادة صياغة دور المجلس، وأن تضمن أن يكون النواب أعضاء فاعلين لا مجرد حضور شكلي فالأحزاب مسؤولة عن اختيار نواب قادرين على العمل المؤسسي، ملتزمين بالقوانين، متابعين للتشريعات، ومتحملين مسؤولية الرقابة الصارمة على الحكومة. أي تقصير في هذا الدور يعكس ضعف الأحزاب نفسها، ويضعف الثقة بالمجلس برمته.
الرقابة على الحكومة ليست مهمة ثانوية، بل حجر الزاوية في عمل الأحزاب داخل البرلمان ويجب أن تكون هذه الرقابة صارمة وموضوعية، لا مجرد شعارات انتخابية تتكرر مع كل دورة فالمواطن يتوقع أن ترى أحزابه تتدخل لمساءلة الوزراء، متابعة الأداء المالي والإداري، وكشف أي تقصير فأي حزب يتغاضى عن هذه المهام أو يفضل المزايدات الإعلامية على النتائج العملية سيخسر كل مصداقية.
الأحزاب مطالبة أيضًا بإعادة صياغة العمل البرلماني داخل اللجان فهذه اللجان هي المكان الحقيقي لإعداد القوانين ومتابعة تنفيذها، لكنها تتحول في بعض الحالات إلى مساحة للتنافس الشخصي وعلى الأحزاب أن تضمن أن تكون لجانها قوة فعلية، وأن تعمل بشكل منهجي واحترافي بعيدًا عن المصالح الفردية فالفشل في هذا الجانب يعني أن كل القوانين التي ستصدر ستكون بلا أثر، وأن السياسات العامة ستظل حبرًا على ورق.
التزام الأحزاب ببرامجها الانتخابية هو معيار آخر لقياس جدارتها فأي حزب ينجح في الوصول إلى البرلمان ثم يتخلى عن ما وعد به ناخبيه يكشف عن هشاشة داخله ويضع نفسه في خانة الفشل السياسي فالمواطن لم يعد يثق بالأحزاب التي تتنقل بين المصالح والمكاسب الشخصية، وهو يتابع عن كثب كل خطوة لكل حزب داخل المجلس فالالتزام الحقيقي بالبرامج، والمساءلة الحقيقية، والعمل على ترجمة الوعود إلى سياسات ملموسة هو ما يحدد نجاح الأحزاب أو فشلها في هذه الدورة.
الوقت لم يعد يسمح بالتجارب القديمة أو المزايدات فالمجلس النيابي القادم يجب أن يكون مجلس عمل، والأحزاب هي المسؤول الأكبر عن ضمان ذلك. أي تهاون أو ضعف في الأداء سيؤدي إلى إحباط شعبي واسع، وسيضع المواطنين أمام تجربة مرة أخرى لشعورهم بالخذلان السياسي فهذه الدورة تمثل فرصة تاريخية للأحزاب لإظهار أنها على قدر المسؤولية، وأنها قادرة على تحويل الكلام والوعود إلى أفعال ملموسة تعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية وتحقق مصلحة المواطنين.
في النهاية، المجلس النيابي القادم هو ساعة الحقيقة للأحزاب أكثر من أي جهة أخرى فالنواب سيؤدون واجبهم، لكن قوة الأحزاب وانضباطها هي ما سيحدد مصير هذه الدورة وعلى الأحزاب أن تختار بين أن تكون فاعلة وقوة تغيير حقيقية، أو أن تكون مجرد أداة لمصالح ضيقة وعبىء على العملية الديمقراطية والسؤال الكبير الآن هل ستستثمر الأحزاب هذه الفرصة التاريخية لتثبت أنها قادرة على العمل الجاد والمساءلة الحقيقية، أم ستكرر التجارب الفاشلة السابقة وتخيب آمال المواطنين؟ الشعب الأردني يراقب، والمحاسبة لن تكون رحيمة.
الكاتب من الأردن