فادي السمردلي يكتب: ألإقصاء البرلماني لجبهة العمل الإسلامي تحدي للديمقراطية وثقة الشعب الأردني
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
يشكل اقصاء واستبعاد حزب جبهة العمل الإسلامي المتكرر من المواقع القيادية في مجلس النواب الأردني، ظاهرة سياسية معقدة تحمل في طياتها دلالات عميقة حول ديناميات القوة داخل البرلمان، ومدى الالتزام بالمبادئ الديمقراطية التي يُفترض أن تقوم عليها الحياة السياسية في الاردن فعلى الرغم من أن الحزب يتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة وحضور شعبي مؤثر، إلا أن محاولات إقصائه عن مواقع المكتب الدائم للمجلس والمواقع القيادية تتكرر، مما يثير تساؤلات جدية حول أسباب هذا الاستبعاد المستمر، والرسائل السياسية التي يحملها إلى المجتمع الأردني وأصحاب المصلحة كافة.
من الناحية السياسية، يمكن النظر إلى هذا الاستبعاد على أنه جزء من استراتيجية إعادة توزيع النفوذ داخل البرلمان بطريقة تُعطي الأولوية للتحالفات المؤقتة والحسابات الثنائية بين الأحزاب الوسطية والمستقلين، على حساب التمثيل المتوازن للكتل السياسية الفاعلة وهذا النهج، في جوهره، يقلل من قدرة حزب جبهة العمل الإسلامي على ممارسة دوره الرقابي والتشريعي بشكل فعّال، ويحد من تأثيره في صياغة السياسات العامة، بما فيها القضايا الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية التي تمثل أولويات المواطنين وكما أنه يعكس محاولة لتهميش المعارضة المنظمة داخل البرلمان، مما يخلق نوعاً من الأحادية المهيمنة داخل المشهد النيابي، ويُضعف آليات التوازن الضرورية بين مختلف القوى السياسية، وهو ما يُعتبر ضربة مباشرة لمبدأ التعددية البرلمانية، الذي يُعد من أهم ركائز الديمقراطية النيابية.
من منظور الجمهور، يؤدي هذا الإقصاء المتكرر إلى إضعاف ثقة المواطنين في قدرة مؤسساتهم على احتضان جميع القوى السياسية على قدم المساواة فالتهميش السياسي لحزب ذو قاعدة شعبية واسعة يرسل رسالة ضمنية مفادها أن التمثيل البرلماني لا يُقاس بالشرعية الشعبية أو بالقدرة على خدمة المجتمع، بل بالحسابات التحالفية الضيقة والمصالح الحزبية الخاصة وهذا بدوره يخلق إحباطاً سياسياً لدى قواعد الحزب، ويعزز الشعور بأن العملية السياسية لا تعكس رغباتهم، مما قد يؤدي إلى تراجع المشاركة الشعبية الفاعلة في الحياة البرلمانية والسياسية على المدى الطويل.
على المستوى الداخلي للمجلس، يعكس هذا التوجه هشاشة الحوار السياسي، ويزيد من مخاطر الاستقطاب بين مختلف الكتل، حيث يصبح العمل النيابي محكوماً بالاعتبارات الضيقة والمصالح الجزئية بدلاً من أن يكون مكرساً لتحقيق المصلحة العامة وفي هذا السياق، يمكن أن يؤدي استمرار هذا النهج إلى إضعاف قدرة البرلمان على أداء دوره التشريعي والرقابي بفعالية، وبالتالي التأثير سلباً على جودة القرارات والسياسات التي تصدر عنه، خاصة في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية متنامية تواجه المملكة.
سياسياً، يواجه حزب جبهة العمل الإسلامي تحدياً مزدوجاً.الأول داخلي، يتمثل في الحفاظ على وحدته وحيوية قواعده الجماهيرية، والقدرة على تحويل هذا الإقصاء إلى حافز لتعزيز تنظيمه ومشاركته السياسية الفاعلة والثاني خارجي، وهو القدرة على بناء تحالفات استراتيجية مع الكتل الأخرى داخل البرلمان للضغط من أجل تمثيل عادل ومتوازن في مواقع القيادة، دون الانجرار إلى صراعات مفتوحة قد تؤثر سلباً على الدور البرلماني نفسه.
إن استمرار الإقصاء المتعمد لأي فاعل سياسي مؤثر، مثل حزب جبهة العمل الإسلامي، يضع مؤسسات الدولة أمام اختبار حقيقي بشأن مدى التزامها بالتعددية واحترام قواعد الديمقراطية النيابية فالبرلمان، بطبيعته، يجب أن يكون منبراً للتنافس السياسي ، ومنصة لتبادل الأفكار والتصورات المختلفة، وليس أداة لتصفية الحسابات أو لتقليص صوت المعارضة المنظمة. ومن هنا، يصبح من الضروري أن تتبنى القوى السياسية الأخرى والمجتمع المدني والمواطنون سياسات ورؤى تحمي التعددية وتعزز الشفافية، حتى لا تتحول الحياة البرلمانية إلى مجرد لعبة تحالفات ضيقة على حساب حقوق المواطنين وفاعلية المؤسسات.
في الختام، يُمثل الإقصاء المستمر لحزب جبهة العمل الإسلامي مؤشراً خطيراً على تحديات التمثيل البرلماني العادل في الأردن، ويكشف الحاجة الملحة إلى تعزيز الحوار الوطني التشاركي، وضمان مشاركة جميع الأطراف السياسية الفاعلة في مواقع صنع القرار، بما يضمن أن تظل مؤسسات الدولة متمسكة بمبادئ الديمقراطية والتعددية، وأن يتمكن البرلمان من أداء دوره الحقيقي في خدمة الوطن والمواطن على حد سواء، بعيداً عن سيطرة الحسابات الضيقة والمصالح الجزئية.
الكاتب من الأردن