الكلمة الحُرّة في إطارها المحترم صمّام الأمان والاستقرار السياسي الفلسطيني
بقلم: د. تيسير فتوح حجّه …..
الأمين العام لحركة عداله.
في ظلّ واقعٍ فلسطينيٍ مثقلٍ بالتحديات، تصبح الكلمة الحُرّة واحدة من أهم أدوات البناء السياسي والاجتماعي. فالكلمة ليست مجرد صوت يخرج من فم، بل هي موقف ومسؤولية، يمكن أن ترتقي بالشعوب نحو الوعي والنهضة، أو تسقط بها في مستنقعات الفوضى والتحريض والانقسام. ومن هنا، تأتي أهمية ضبط هذه الكلمة في إطارها المحترم، إطارٍ يحمي حرية التعبير ويحصّن المجتمع من الانزلاق نحو صراعات داخلية لا تخدم إلا المحتل وأعداء المشروع الوطني.
لقد أثبتت التجارب السياسية، فلسطينياً وعربياً ودولياً، أن الدول التي تُقدّس حرية التعبير، ضمن حدود القانون والأخلاق، هي الدول التي تنجح في بناء مؤسسات قوية، وتحصين مجتمعها، وتحقيق قدر أعلى من الاستقرار السياسي. فالاستقرار لا يولد من الصمت القسري، ولا من القمع، ولا من الخطاب العدائي، بل يولد من حوارٍ مسؤول، ومن رأيٍ حرّ يحترم الآخر، ويعلي مصلحة الوطن فوق أي اعتبار شخصي أو حزبي.
نحن اليوم في فلسطين أحوج ما نكون إلى كلمة تجمع ولا تفرّق، كلمة تزرع الأمل ولا تنفخ في نار الفتنة، كلمة تستحضر تضحيات الشهداء، وتاريخ النضال الطويل، والتراث الوطني الذي حافظ على الهوية رغم قسوة الاحتلال وتعقيدات السياسة. إنّ الكلمة المحترمة هي التي تحافظ على كرامة الناس، وتدافع عن حقوقهم، دون أن تُهين أو تشتم أو تحرّض على العنف والقتل أو تسعى لتشويه الرموز
الوطنية.
إنّ حركة عدالة الاجتماعية العمالية تؤمن بأن حرية الرأي حق مقدّس، لكن هذا الحق لا يُمارس خارج منظومة القيم الوطنية. فلا حرية بلا مسؤولية، ولا رأي بلا ضوابط تحمي الإنسان وتحمي الوطن. ومن هنا، ندعو إلى تعزيز ثقافة الحوار، وتطوير مساحات التعبير الآمن، وتشجيع النقد البنّاء، ورفض خطاب الكراهية الذي يهدد السلم الأهلي ويضرب الوحدة الوطنية.
إن الحفاظ على الكلمة في إطارها المحترم هو صمام الأمان للاستقرار السياسي الفلسطيني، وهو الركن الأساسي لبناء دولة القانون والمؤسسات. وهو أيضاً الطريق الحقيقي للوحدة الوطنية التي لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة تاريخية يفرضها الواقع السياسي، وتفرضها كرامة هذا الشعب الصابر.
ختاماً… تبقى الكلمة مسؤوليّة، وتبقى فلسطين أكبر من الجميع، وتبقى وحدتها خطاً أحمر لا يُسمح لأحد بتمزيقه. ولن يكون للمشروع الوطني الفلسطيني أن يتقدم إلا بتحرير الكلمة من الإسفاف، وتوجيهها نحو البناء، وحماية الوطن من كل خطابٍ يهدد وحدته واستقراره.
الكاتب من فلسطين