فادي السمردلي يكتب : مسرحية النتيجة خرجت عن النص
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المسرحية تصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
(خيالٌ يسخر من الغباء والغرور البشري للبعض حين يتوهمون أنهم يتحكمون بالحقيقة)
المقدمة
هذه المسرحية محض خيال، لا تمتّ إلى أشخاص أو وقائع بصلة
إنها حكاية أولئك الذين ظنّوا أن بإمكانهم تطويع المصير، وأن الأرقام والقرارات يمكن أن تُكتب على مقاسهم.
تصرفوا بثقةٍ من يملك مفاتيح اللعبة، وقال أحدهم في لحظة زهوٍ وغرور:
“النتائج مضمونة، والقرار بيدي.”
لكن الحقيقة لا تعرف الضمان،
وحين جاء وقتها، انقلبت الموازين، واهتزّت الأرض تحت يقينهم.
فحاولوا تغيير النتيجة، تلاعبوا بالأنظمة، وأعادوا الحسابات.
لكنها جميعًا خرجت بخطأٍ واحدٍ فادح:
أنهم نسوا أن الوعي لا يُزوّر.
وفي النهاية، كانت لهم خيارات محدودة:
إن قبلوا النتيجة، كانت هزيمة الكبرياء.
وإن غيّروها، بقيت الهزيمة في أعينهم هم.
فالمحصلة واحدة:
سقطوا أمام الوعي… واعترفوا بفشلهم بينهم وبين أنفسهم.
المشهد الأول: غرفة القرارات المظلمة
(إضاءة باهتة، أوراق كثيرة، شاشة تومض بالأرقام)
الشخص الأول:
الأرقام تتغير يا سيدي… الاتجاه ليس كما أردنا.
الشخص الثاني:
لا تقلق، كل شيء محسوب… الصندوق مضمون، والناس لا ترى إلا ما نريدها أن ترى.
الشخص الثالث (بثقة مفرطة):
أنتم تقلقون بلا داعٍ أنا العالم الأبرز هنا.
النتائج؟ مسألة وقت ولدينا الخطة، ولدينا الخوارزمية.
الراوي (بصوتٍ ساخر):
الخطة، والخوارزمية، والصندوق…
ثلاثية الغرور الحديث، تنتهي دائمًا بنفس الطريقة:
“خطأ في الحسابات.”
المشهد الثاني: لحظة الانكشاف
(إضاءة مفاجئة، أصوات حشدٍ في الخارج)
المذيع:
النتائج الرسمية… جاءت مخالفة للتوقعات تمامًا!
الشخص الأول (متردد):
هل يمكن أن يكون هذا خطأ؟
الشخص الثاني (يتعرّق):
لا… لا بد من تدخل فوري!
الشخص الثالث (منفجرًا):
هذا عبث! أنا من كتب الأرقام! لا أحد يهزمني في معادلاتي!
الراوي:
لكنهم لم يفهموا بعد أن الحقيقة لا تتقن فنّ الإرضاء،
ولا تخضع لقوانين “منظّري السيطرة”.
المشهد الثالث: العاصفة
(أصوات صراخ، الأوراق تتطاير، الضوء يومض)
الشخص الثالث (يصرخ):
أعيدوا العدّ! ألغوا النتائج! بدّلوا النظام بأكمله إن لزم الأمر!
الشخص الأول (يرتجف):
سيدي، الناس بدأت تشك… الأصوات تتصاعد.
الشخص الثاني (منكسر):
ربما… يجب أن نتركها كما هي.
الشخص الثالث (غاضب، ساخر):
نتركها؟ هذه مسرحية؟ لا يُهزم المخرج في مسرحيته!
الراوي:
لكن المخرج نسي أن الجمهور هو من يملك الحكم الأخير…
والوعي لا يصفّق إلا للحقيقة.
المشهد الرابع: السقوط الهادئ
(صمت ثقيل، ضوء أبيض شاحب)
الشخص الأول:
لقد خسرنا كل شيء.
الشخص الثاني:
بل كُشفنا فقط… والناس رأت ما كنا نحاول إخفاءه.
الشخص الثالث (يخفض رأسه):
لم أكن أظن أن الوعي يمكن أن يهزمني.
الراوي:
بل لم تكن تظن أن الوعي موجود أصلًا.
وها أنت اليوم تتعرف إليه… متأخرًا.
المشهد الخامس: مونولوج الاعتراف
(ضوء واحد على الشخص الثالث، يجلس أمام المرآة، يحدّق في نفسه)
الشخص الثالث (بصوت متقطع):
كنت أظن أنني أتحكم بكل شيء…
بالأرقام… بالناس… بالزمن.
لكنني نسيت أن أتحكم بي.
كل ما فعلته…
كأنه محاولة لتغطية مرآةٍ لا تريد أن تعكس وجهي.
(يتنهد بعمق)
قالوا لي: النتيجة يجب أن تكون كما نريد.
لكن النتيجة جاءت كما هي…
باردة، صادقة، لا ترحم.
(يصمت للحظة، ثم يبتسم بمرارة)
ربما لم أسقط أمامهم…
لكنني سقطت أمامي.
وأعظم السقوط…
أن تصفق لنفسك وأنت تعرف أنك كاذب.
(يطفأ الضوء تدريجيًا – الراوي بصوت خافت)
الراوي:
وهكذا انتهت المسرحية…
لم يسقطوا بالهتاف، بل بصوت ضميرٍ خافتٍ كفاهم وجعًا.
سقطوا أمام الوعي…
واعترفوا، في صمتٍ لا يسمعه إلا من خسر نفسه.
(ستار)
الكاتب من الأردن