فادي السمردلي يكتب: الصندوق الداخلي أولًا طريق الأحزاب نحو شرعية حقيقية
بقلم فادي زواد السمردلي …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
ما شاهدته في الانتخابات الداخلية الأخيرة للحزب الوطني الإسلامي في انتخاب الهيئة الإدارية لفرع عمان كان مشهدًا يستحق الوقوف عنده طويلًا، لأنه قدّم نموذجًا داخليا لما يجب أن تكون عليه الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب، بعيدًا عن التوافقات الجاهزة والاتفاقات التي تُطبخ في الخفاء ثم تُقدَّم للأعضاء على أنها إرادة جماعية فكانت الانتخابات تسير بسلاسة، بانضباط، وباحترام حقيقي للصندوق، وكأن الرسالة تقول إن الشرعية لا تُؤخذ بالمجاملة، بل تُصنع عبر إرادة الأعضاء وحدهم وهذا بالضبط ما نحتاجه اليوم أن تتحول العملية الديمقراطية داخل الأحزاب إلى ثقافة راسخة، لا مناسبة شكلية تُقام لرفع العتب.
إن الديمقراطية لا تبدأ من البرلمان ولا من صناديق الانتخابات العامة، بل من قلب التنظيمات نفسها , من اجتماعاتها، من فروعها، من الأعضاء الذين يقررون من يمثلهم بجرأة وبلا خوف وإذا لم تتعوّد الأحزاب على الاحتكام للصندوق في داخلها، فلن تتمكن يومًا من الدفاع عنه خارجيًا أو مطالبة الناس بالثقة فيه لأن الحزب الذي يخشى أصوات أعضائه لن يستطيع إقناع أحد بأنه قادر على قيادة مجتمع كامل نحو مستقبل ديمقراطي ولهذا السبب، ما شهدناه يجب ألا يبقى مجرد تجربة ناجحة تُذكر ثم تُنسى، بل يجب أن يتحول إلى نهج مستمر، ثابت، يتبناه الحزب الوطني الاسلامي وكل الأحزاب من دون استثناء.
نريد أن يبقى هذا المسار قائمًا، وأن تظل صناديق الاقتراع هي الفيصل الأول والأخير، لا التوافقات ولا الحسابات ولا الخشية من تغيير المواقع نريد أحزابًا حقيقية تُنتج قياداتها عبر الاختيار، لا بتبادل الكراسي ونريد ممارسة ديمقراطية متجذّرة، لا شعارات تُرفع عند الحاجة فإذا استمر هذا النهج، ستنضج الحياة السياسية، وتكبر الثقة بين الأعضاء وقياداتهم، وسنقترب خطوة أكبر نحو بناء مشهد سياسي متماسك يستحق أن يُسمَّى ديمقراطيًا بالفعل، لا ادعاءً.
الكاتب من الأردن