فادي السمردلي يكتب: من الحوار إلى الاستثمار ماذا تعني زيارة رئيس وزراء الهند للأردن؟
بقلم فادي زواد السمردلي …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
تمثل زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الأردن في منتصف ديسمبر 2025 محطة مهمة في مسار العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، وتعكس التزامًا مشتركًا بتطوير شراكة استراتيجية شاملة تتجاوز نطاق العلاقات التقليدية فهذه الزيارة تأتي في وقت يشهد فيه العالم تحولات اقتصادية كبيرة، مما يزيد من أهمية إيجاد شراكات مبتكرة ومستدامة بين الدول، لا سيما تلك التي تجمع بين الخبرة الصناعية والتقنية للهند والموقع الاستراتيجي والبيئة الاستثمارية المستقرة للأردن فمن هذا المنظور، يمكن اعتبار زيارة رئيس الوزراء الهندي خطوة محورية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، وخلق آفاق جديدة للتعاون في مجالات عدة تشمل الطاقة المتجددة، التحول الرقمي، إدارة الموارد المائية، والبنية التحتية، إضافة إلى تطوير بيئة الأعمال بما يعزز فرص الاستثمار المشترك.
خلال اللقاءات الرسمية، جرى التأكيد على أهمية تعزيز التجارة والاستثمار بين الأردن والهند، وتحويل العلاقة الاقتصادية إلى شراكة قائمة على الابتكار والكفاءة، لا مجرد تبادل تجاري محدود ويبرز هذا الاهتمام في تركيز الجانبين على مشاريع استثمارية مستقبلية، توفر حلولًا متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة، مما يعكس إدراكًا مشتركًا بأن النمو الاقتصادي المستدام يحتاج إلى شراكات استراتيجية قائمة على تبادل الخبرات والتقنيات، إلى جانب العلاقات المالية التقليدية فمن منظور الهند، توفر الأردن منصة مهمة للتوسع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، فيما يمثل الهند شريكًا قادرًا على تقديم حلول مبتكرة ودعم المشاريع الاستراتيجية الأردنية، مما يعزز القدرة التنافسية للبلدين في الأسواق الإقليمية والدولية.
إلى جانب الجانب الاقتصادي، تحمل الزيارة رمزية سياسية قوية، إذ تؤكد على دور الأردن كشريك استراتيجي ملتزم بالاستقرار الإقليمي، وعلى التزام الهند بتوسيع نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة فالزيارة شملت فعاليات بروتوكولية وثقافية، أبرزها جولة رئيس الوزراء الهندي في متحف الأردن برفقة ولي العهد، وهو ما يعكس الاهتمام بالبعد الثقافي والاجتماعي للشراكة الاقتصادية، ويؤكد أن نجاح أي تعاون اقتصادي طويل الأمد يرتبط بفهم البيئة المحلية وبناء علاقات ثقة مع المجتمع والشركاء المحليين فهذه المبادرات الثقافية والسياسية تعزز الاستقرار وتخلق مناخًا مناسبًا للاستثمار وتطوير الأعمال، مما يجعل العلاقة بين البلدين أكثر متانة وعمقًا.
كما تضمنت الزيارة عقد منتدى الأعمال الأردني الهندي، الذي جمع كبار رجال الأعمال والمستثمرين من كلا البلدين، لتقديم فرص استثمارية جديدة ومشروعات مشتركة في القطاعات الحيوية فهذا النوع من الحوار الاقتصادي يعكس الرغبة في تفعيل الشراكات العملية وتحويلها إلى مشاريع ملموسة تساهم في تنمية الاقتصادين، وفتح مجالات جديدة للنمو المستدام إضافة إلى ذلك، يؤكد البيان المشترك الذي صدر في ختام الزيارة على أن العلاقة بين الأردن والهند لم تعد مجرد علاقة ثنائية تقليدية، بل شراكة استراتيجية شاملة، قادرة على التكيف مع التحديات العالمية والفرص الاقتصادية الجديدة، وتقديم نموذج للتعاون بين دولة صاعدة اقتصاديًا مثل الهند، ودولة تتمتع بموقع استراتيجي مهم مثل الأردن.
في المجمل، يمكن القول إن زيارة رئيس الوزراء الهندي للأردن تشكل نقطة تحول في مسار العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، إذ تمثل إعلانًا عن مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، يرتكز على الابتكار، الاستثمار المستدام، وتعزيز الثقة المتبادلة فهذه الشراكة تعزز مكانة الأردن الاقتصادية في المنطقة، وتؤكد التزام الهند بتطوير علاقاتها مع شركائها الإقليميين بما يخدم مصالح الطرفين على المدى الطويل كما أنها تفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي المستدام، وتضع الأسس لمرحلة من التعاون المتكامل، حيث يمكن أن تتحول الرؤى المشتركة إلى مشاريع ملموسة تؤثر إيجابًا على البيئة الاقتصادية والسياسية للبلدين، وتصب في تعزيز التنمية والاستقرار الإقليمي.
الكاتب من الأردن