مستشار رئاسة الوزراء اليمني حميد عنتر لصحيفة “فلسطين” “أرض الصومال”.. اعتراف صهيوني يخدم مخططا غربيا ويستهدف فلسطين ووحدة المنطقة

– الاحتلال يحاول تعويض فشله في غزة بالتوسع الجغرافي
-البحر الأحمر بات ساحة صراع على مستقبل المنطقة
-صنعاء قادرة على إفشال المخطط

غزة- صنعاء/ علي البطة:

اكد الكاتب والمحلل السياسي مستشار رئاسة الوزراء اليمني، حميد عبد القادر عنتر، أن أي اعتراف إسرائيلي بما يسمى “جمهورية أرض الصومال” لا يمكن النظر إليه كخطوة دبلوماسية عابرة، بل هو جزء من مشروع إقليمي ودولي أوسع يستهدف إعادة تشكيل موازين النفوذ في المنطقة، وضرب أسس الاستقرار في القرن الأفريقي والجزيرة العربية، وفي مقدمتها اليمن.

ويرى عنتر أن هذا التحرك يعكس سعي الكيان الصهيوني لمد نفوذه خارج نطاقه التقليدي، مستفيدا من حالة الانقسام والصراعات التي تعاني منها بعض دول المنطقة، في محاولة لفرض وقائع سياسية جديدة تخدم مصالحه الأمنية والاقتصادية على حساب سيادة الدول ووحدتها.

وفي مقابلة مع صحيفة “فلسطين” أوضح عنتر، أن الموقع الجغرافي لما يسمى “أرض الصومال” على خليج عدن يمنح هذا الاعتراف أبعادا استراتيجية بالغة الحساسية، لا سيما في ظل الأهمية المتزايدة لممرات الملاحة الدولية، وفي مقدمتها البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ما يجعل الخطوة الصهيونية مرتبطة مباشرة بأمن التجارة العالمية.

رسائل وتفكيك للمنطقة

ويلفت إلى أن ردود الفعل الرافضة لهذا الاعتراف من قبل الحكومة الصومالية، وعدد كبير من دول العالم، تعكس إدراكا متزايدا لخطورة هذه الخطوة على وحدة الصومال واستقرار المنطقة، مؤكدا أن أي مساس بالسيادة الصومالية يشكل سابقة خطيرة قد تفتح على أساسها أبواب التفكيك في دول أخرى.

وحول توقيت الاعتراف، يرى عنتر أن الكيان الصهيوني تعمد اختيار هذه المرحلة، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، والانشغال الدولي بحربه الإبادية في غزة، والصراع في البحر الأحمر، في محاولة لاستغلال حالة السيولة السياسية وفرض أمر واقع جديد يخدم مشروعه الاستراتيجي.

ويضيف أن هذا التحرك يأتي في إطار محاولة خلق توازنات إقليمية بديلة، تتيح للكيان الصهيوني موطئ قدم في القرن الأفريقي، بما يعزز من قدرته على الضغط على خصومه الإقليميين، وفي مقدمتهم إيران، ويوجه رسائل مباشرة إلى تركيا ودول أخرى فاعلة في المنطقة.

صنعاءومواجهة الضغوط

وفيما يخص اليمن، يشدد عنتر على أن صنعاء تقف خارج دائرة التأثر بهذه المخططات، مؤكدا أن اليمن يمتلك قرارا سياسيا مستقلا ومشروعا وطنيا واضح المعالم، جعله قادرا على مواجهة الضغوط الخارجية وإفشال المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة.

ويؤكد أن ما يجري في البحر الأحمر يمثل نموذجا واضحا لقدرة اليمن على فرض معادلات جديدة، مشيرا إلى أن المواجهة البحرية الأخيرة أثبتت أن قوى الاستكبار لم تتمكن من كسر الإرادة اليمنية أو فرض أمن الملاحة وفق الرؤية الصهيونية.

ويرى عنتر أن أحد الأهداف الرئيسية للاعتراف الإسرائيلي هو تأمين الملاحة الدولية بما يخدم مصالح الكيان، وليس حماية الأمن العالمي كما يروج، موضحا أن هذا الهدف يتم السعي لتحقيقه عبر أدوات إقليمية ومحلية، من بينها بعض دول التطبيع.

ويؤكد أن هذه المخططات محكوم عليها بالفشل، لأن صنعاء تمتلك القدرة العسكرية والسياسية والشعبية الكفيلة بإفشال أي مشروع يستهدف وحدة اليمن أو سيادته، كما أفشلت من قبل مشاريع أكثر تعقيدًا وخطورة.

ما علاقة فلسطين بالاعتراف؟

ويحذر عنتر من محاولات توظيف الاعتراف بأرض الصومال كمدخل لمشاريع أخرى، من بينها إعادة توطين الفلسطينيين، مؤكدا أن كل الاحتمالات تبقى واردة في ظل التواطؤ المكشوف لبعض دول التطبيع مع الكيان الصهيوني.

ويعتبر أن هذا الاعتراف يشكل حلقة جديدة في سلسلة الضغوط التي تمارس على القضية الفلسطينية، ومحاولة للالتفاف على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، في وقت فشل فيه الكيان في حسم معركته العسكرية أمام فصائل المقاومة في غزة.

ويوجه عنتر رسائل واضحة إلى القوى الإقليمية، مفادها أن تعزيز النفوذ الصهيوني في القرن الأفريقي لن يمر دون تداعيات، وأن أي محاولة لتطويق قوى المقاومة عبر الجغرافيا ستؤدي إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.

سبل المواجهة

وحول كيفية تعامل صنعاء مع هذا التطور، يؤكد عنتر أن الخيار الاستراتيجي يتمثل في تعزيز التنسيق الإقليمي، والعمل على توقيع خارطة سلام حقيقية بين دول المنطقة، بعيدا عن الإملاءات الأمريكية والصهيونية.

ويشدد على أن صنعاء نجحت في انتزاع قرارها السياسي من الهيمنة الخارجية، وهو ما مكنها من لعب دور فاعل في معادلات الإقليم، سواء على مستوى الأمن البحري أو في دعم قضايا الأمة المركزية.

وفيما يخص دور المجتمع الدولي، يرى عنتر أن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تفرض عليه رفض سياسات الكيان الصهيوني، والعمل على محاسبة قادته، وعلى رأسهم المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو، على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

ويؤكد أن الصمت الدولي تجاه هذه السياسات لا يهدد فلسطين وحدها، بل يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والتقسيم في المنطقة، ويقوض أسس الأمن الجماعي.

ويصف عنتر اليمن بأنه قوة إقليمية صاعدة، تمتلك عناصر الردع الكافية لحماية أمنها القومي، والتصدي لأي محاولات لزعزعة استقرارها، سواء جاءت من الكيان الصهيوني أو من دول التطبيع أو من أدوات محلية.

ويضيف أن موقع اليمن الجغرافي، وامتلاكه أطول شريط ساحلي في المنطقة، يجعله لاعبا محوريا في أمن الملاحة الدولية، وهو ما أثبتته التطورات الأخيرة في البحر الأحمر.

ويرى أن ما يروج له الكيان الصهيوني من خلال هذه الخطوات لا يتجاوز كونه حربا نفسية وإعلامية، تهدف إلى إظهار الكيان بمظهر القوة، في وقت عجز فيه عن تحقيق أهدافه العسكرية أمام مقاومة فلسطينية محاصرة.

هشاشة المشروع الصهيوني

ويؤكد أن فشل الكيان في القضاء على فصائل المقاومة، رغم التفوق العسكري والتكنولوجي، يعكس هشاشة مشروعه، ويكشف حدود قدرته على فرض إرادته بالقوة.

ويوجه المسؤول اليمني رسالة تحذير إلى دول التطبيع، محذرا من مغبة الاستمرار في اللعب بالنار، والتآمر على وحدة اليمن ونهب ثرواته عبر مشاريع التقسيم، مؤكدا أن الشعب اليمني لن يقبل بذلك تحت أي ظرف.

ويشدد عنتر على أن اليمن يمثل العمق الاستراتيجي لأمن الجزيرة العربية والمنطقة بأسرها، وأن أي محاولة لتقسيمه أو إضعافه ستؤدي إلى انفجار إقليمي واسع، لأن أمن اليمن من أمن المنطقة، واليمن، إذا ترك ليستهدف، سيكون بركانا قد يجرف الجميع.

قد يعجبك ايضا