توتر على الحدود اللبنانية السورية وعون يعطي التوجيهات للجيش للرد على مصادر النيران
شبكة الشرق الأوسط نيوز : سيطر هدوء حذر على الحدود اللبنانية السورية في منطقة الهرمل بعد ليلة من المواجهات النارية استخدمت فيها المدفعية وراجمات الصواريخ من قبل كل من قوات الأمن السورية وأبناء العشائر اللبنانية القريبة من “حزب الله”، وذلك إثر الاعلان عن مقتل ثلاثة عناصر من الجيش السوري.
وقد سُجل قصف متبادل بين الطرفين وسقطت صواريخ في بلدة القصر اللبنانية وجرى الحديث عن حشود سورية استقدمتها قوات الأمن نحو الحدود اللبنانية. وأصرّت وزارة الدفاع السورية على القول إنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة بعد هذا التصعيد الخطير من قبل “حزب الله” اللبناني، على الرغم من نفي العلاقات الإعلامية في الحزب بشكل قاطع أي علاقة بالأحداث.
وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي: “بتاريخ 16\3\2025 بعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية السورية في محيط منطقة القصر الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة. على أثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية، وأجرى اتصالات كثيفة منذ ليل 16\17\3\2025 حتى ساعات الصباح الأولى، وسلّم بنتيجتها الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري”. واضاف البيان “في موازاة ذلك، تعرضت قرى وبلدات لبنانية في المنطقة للقصف من جهة الأراضي السورية، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني. تستمر الاتصالات بين قيادة الجيش والسلطات السورية لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية”.
اتهام “حزب الله”
من جهته، اتهم قائد عمليات الجيش السوري على الحدود مع لبنان “حزب الله” بانتهاك الحدود، وقال “سنتعامل مع أي تسلل من قبله، وننسق مع الجيش اللبناني لضبط الحدود”.
وتحدث المرصد السوري عن مقتل 4 عناصر من وزارة الدفاع السورية وإصابة آخرين في اشتباكات مع مسلحين عند الحدود السورية-اللبنانية. وأفيد بمقتل فتى لبناني جراء القصف على الحدود اللبنانية السورية. كما أعلنت وكالة “سانا” عن “إصابة مصوّر وصحافي على الحدود السورية اللبنانية قرب سد زيتا بعد استهدافهما بصاروخ موجّه من “حزب الله”.
ودانت وزارة الإعلام السورية “الاستهداف المباشر لمجموعة من الصحافيين والإعلاميين أثناء قيامهم بالتغطية قرب الحدود اللبنانية-السورية، وذلك عبر صواريخ موجّهة أطلقها حزب الله، بعد ارتكابه جريمة اختطاف وتصفية ثلاثة من أفراد الجيش السوري البارحة”. وأضافت الوزارة، “نؤكّد أنّ هذا الاعتداء يُعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية التي تكفل حماية الصحافيين خلال أداء مهامهم، وندعو الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في محاسبة الجناة”.
وتعليقاً على هذه الأحداث، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون أن “ما يحصل على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية لا يمكن أن يستمر، ولن نقبل باستمراره، وقد أعطيتُ توجيهاتي للجيش اللبناني بالردّ على مصادر النيران”.
تهجير 130 ألفاً
من ناحيته، أشار النائب علي المقداد، عضو كتلة “الوفاء للمقاومة”، إلى تصاعد الأحداث على الحدود الشمالية الشرقية للبنان منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وفي تصريح له بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، قال: “شهدنا بالأمس اعتداء كبيرا استهدف الأراضي اللبنانية والمنازل، ما أدى إلى استشهاد طفل يبلغ من العمر 14 عاما وسقوط عدد من الجرحى. دولة الرئيس بري كان متابعا لهذه التطورات، وأجرى عدة اتصالات الليلة الماضية، حيث وجّه الجيش ليكون الحامي الأساسي للحدود”.
وأضاف المقداد: “اليوم، تتعرض المناطق الشمالية الشرقية للبنان لاعتداءات من قبل بعض المسلحين المتمركزين على الحدود، وقد تصدى الجيش لهذه الهجمات بتوجيهات من الرئيس بري وقيادة الجيش اللبناني، ورد بالشكل المناسب. نأمل أن تكون هذه الاعتداءات الأخيرة، لأن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التصعيد، خاصة مع تهجير أكثر من 130 ألف لبناني من قراهم الواقعة داخل الأراضي السورية. لا بد من إيجاد حل سريع لهذا الملف، لأن الأوضاع لم تعد تحتمل مزيدا من التأخير”.
أعربت أوساط مقربة من “حزب الله” عن مخاوفها من تصاعد وتيرة التهديدات التي يوجهها أركان النظام الجديد في سوريا ضد الحزب، وذلك على خلفية الحوادث الأمنية المتكررة، والتي تنشب غالبا بين مهربين على جانبي الحدود. وتخشى هذه الأوساط أن يكون الهدف من ذلك توسيع نطاق عمليات القوات الدولية لتشمل الحدود الشرقية للبنان، بما يتماشى مع المطالب الأمريكية والإسرائيلية.
وأشارت المصادر إلى أنه “بعد توجيه اتهامات للحزب بدعم المجموعات التي قادت تمردا مسلحا في مناطق الساحل السوري، ألقت قيادة “هيئة تحرير الشام” باللوم على الحزب، معتبرة أنه يتحمل مسؤولية انتشار الفوضى على الحدود اللبنانية-السورية.” وأوضحت أن آخر هذه الحوادث وقع أمس، حيث قُتل ثلاثة عناصر من عصابة سورية أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي اللبنانية، واشتباكهم مع رعاة كانوا يسرحون بأغنامهم على الحدود في بلدة القصر بالبقاع الشمالي.
تصعيد اسرائيلي
جنوبا، لا يبدو المشهد أفضل حالا في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي، حيث أصدر وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تعليماته للجيش بالرد على أي إطلاق نار من لبنان. وزعم كاتس أن إحدى الطلقات “ألحقت أضرارا بسيارة في بلدة أفيفيم الحدودية”، رافضا الادعاء بأنها كانت رصاصة طائشة انطلقت خلال جنازة أحد عناصر “حزب الله” في قرية مجاورة.
في أحدث انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار، شنت طائرة مسيّرة إسرائيلية غارة جوية بصاروخ موجه استهدفت دراجة نارية على طريق حي البيدر في بلدة يحمر الشقيف، وكان على متنها شخصان، ما أدى إلى إصابتها بشكل مباشر.
وتزامن ذلك مع مرور سيارة “فان” في المكان، فأصيبت بشظايا الصاروخ واندلعت فيها النيران. كما تعرضت إحدى محلات السوبر ماركت القريبة لأضرار جراء الغارة.
وسارعت فرق الدفاع المدني اللبناني و”الهيئة الصحية الإسلامية” إلى المكان، حيث عملت على إخماد النيران التي اندلعت في السوبر ماركت والسيارة، كما قامت بنقل المصابين لتلقي العلاج.
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن “غارة العدو الإسرائيلي بلدة يحمر أدت في حصيلة محدثة إلى سقوط شهيد وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين بجروح”.
وادعى الجيش الإسرائيلي أنه “استهدف عنصرين تابعين لحزب الله كانا يعملان كمراقبين في منطقة يحمر جنوبي لبنان”.
وكان الجيش الإسرائيلي صعّد من وتيرة اعتداءاته بعد منتصف الليل، حيث نفذت مروحيات “أباتشي” عملية تمشيط واسعة لأطراف بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، كما توغلت قوة إسرائيلية بعد منتصف الليل، في بلدة عيتا الشعب ومحيط خلة وردة وحدب عيتا.
بالتزامن، أشار النائب فؤاد مخزومي إلى أنه بحث مع رئيس الجمهورية آخر التطورات في لبنان والمنطقة، بالإضافة إلى الأوضاع على الحدود اللبنانية-السورية. وقال: “أكدتُ أن المطلوب هو تكليف الحكومة الجيش وحده بحماية الحدود وضبطها”.
“حلف الأقليات”
من جهته، رأى “لقاء سيدة الجبل” أن الحديث يتكرر حول الأخطار التي تهدد الجماعات الطائفية في لبنان والمنطقة، لا سيما بعد سقوط نظام آل الأسد في سوريا وصعود تيار إسلامي إلى الحكم. وأشار إلى أن هذا التوجه برز بوضوح عقب أحداث الساحل السوري والتوترات على الحدود اللبنانية-السورية، حيث ظهرت دعوات جديدة لإحياء ما يُسمى “حلف الأقليات”.
إلا أن البيان استدرك بالقول إن “ما يغفل عنه المروّجون لفكرة “حلف الأقليات” هو أن مسؤولية ما يجري على الحدود اللبنانية-السورية تقع على عاتق “حزب الله”، باعتباره المنفّذ الأقوى لجرائم النظام السوري ضد شعبه، كما أنه أطلق يد مافيات المخدرات والسلاح في المنطقة. واليوم، يجني الحزب نتائج أفعاله، لكنه لا يتوانى عن تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية حمايته وحماية حلفائه، تمامًا كما فعل بعد هزيمته في مواجهة العدو الإسرائيلي”.
وحذّر اللقاء من التلاعب بمصير الناس مجددا عبر هذه الممارسات، معتبرا أن “الرد الوحيد على المخاطر التي تفرضها المرحلة الانتقالية في المنطقة يكمن في قيام دولة وطنية فاعلة تلتزم بالدستور، وتضمن حقوق المواطنين الأفراد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، مع الالتزام باتفاق الطائف والمواثيق العربية والدولية، لا سيما قرارات مجلس الأمن المتعلقة بلبنان”.
أمر اليوم
في هذا الوقت، أصدر قائد الجيش اللبناني الجديد العماد رودولف هيكل أمر اليوم وجاء فيه: “أيها العسكريون، إنها لمدعاة فخر واعتزاز أن أحظى بالثقة العالية من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومقام مجلس الوزراء، من أجل تولي قيادة الجيش المؤتمن على وحدة لبنان وسيادته واستقلاله. هذه الثقة تترافق مع مسؤولية كبيرة، في خضم الظروف الصعبة التي تمر بها منطقتنا، وتحتم علي بذل أقصى الجهود لأصون الأمانة، وأمضي أمامكم في مسيرة الشرف والتضحية والوفاء. كما يمثل تعييني قائداً للجيش، امتداداً لسنوات طويلة من حياتي العسكرية التي تشرفت خلالها بخدمة الوطن، فلمست لمس اليد عزيمة رجال المؤسسة العسكرية، والأمل المتجدد في نفوسهم، وعرفت مدى مناعة هذه المؤسسة إزاء التحديات، بعدما ترسخت أسسها على بنيان التضحية والشهادة”.
وقال “أيها العسكريون، إن مواصلة الجيش أداء دوره الضامن للوطن، تستلزم تضافر جهودنا جميعاً كإخوة سلاح، ضباطاً ورتباء وأفراداً، وتمسكنا بالثوابت الوطنية، وإيماننا الثابت برسالة الجندية وقدسية الواجب، وإرادتنا الصلبة التي لا تلين. إن التحديات التاريخية التي تواجهنا، وعلى رأسها التهديدات والاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي، تبقي رهان العهد الجديد، كما رهان اللبنانيين كافة، على صمودنا واستمرارنا ونجاحنا في توفير الأمن والاستقرار، اللازمين لانطلاق بلدنا في طريق التعافي الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي. إن مسؤولية الجيش في المرحلة الراهنة شديدة الأهمية، من خلال عمله على تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل”، فضلاً عن تحصين ساحتنا الداخلية من خطر الإرهاب”.
على الصعيد الرسمي، أبلغ وزير المال ياسين جابر منسقة الأمم المتحدة في لبنان، جانين هينيس بلاسخارت، أن “المجتمع الدولي مُطالب بمساعدة لبنان، خصوصا المتضررين جراء الحرب، لأن ذلك يعد السبيل الأساسي لتحقيق استقرار مستدام”.
وقد تناول الجانبان الأوضاع العامة، لا سيما في الجنوب، وكذلك خطوات تنفيذ القرار الدولي 1701، بالإضافة إلى التعاون القائم بين لبنان والأمم المتحدة في مختلف المجالات. كما تطرق النقاش إلى الإصلاحات التي تسعى الحكومة ووزارة المال لتنفيذها، حيث اعتبرت بلاسخارت أن “لبنان أمام فرصة وتحدٍ كبيرين لعرض تجربة ناجحة في هذا المجال، مما يمكنه من كسب دعم المجتمع الدولي”.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.