والدي وجمال عبدالناصر في عيد العمال

بعد أيام عدة سيحل عيد العمال بتاريخ الأول من مايو من كل عام، والمعني به العمل النقابي للشركات، ووالدي عواد زويد رحمه الله كان يعمل من بداية الخمسينات إلى نهاية عام 1958 في دائرة الأمن العام. وكانت تلك الفترة مليئة بالأحداث كسنة الهدامة الثانية وشارك بالانقاذ، وكان والدي ايضاً من ضمن مؤسسي منطقة 1 – G «جي وان» العسكرية، إلى أن سمع عن إنشاء مصفاة ميناء عبدالله، التي تقع جنوب البلاد، وكانت تملكها شركة الزيت الأميركية المستقلة AMINOIL، حيث تضم وحدة تكرير النفط الخام، وعمل بها والدي مع بعض الكويتيين والغالبية من الأجانب مما أتاح فرصة تعلم اللغة الإنكليزية من دون اللجوء كأيامنا هذه للمعاهد الأجنبية. فكانت المحادثة تكفي لتعلم اللغة، وانضم والدي لقسم تكرير البترول في نهاية الخمسينات، وخدم في شركة البترول KMBC 36 عاماً. حيث كان نظام العمل بها شفتات وعملها شاقا جداً. انضم لنقابة العمال وما كان من النقابة إلا أن ترسله مع وفد يمثل الشركة في عيد العمال 1 – 5 – 1969م لجمهورية مصر العربية، التي كانت تسمى الجمهورية العربية المتحدة آنذاك، فكان لقاء كل شباب العالم النقابيين وغيرهم قد تجمعوا بمصر ليستمعوا إلى خطبة الرئيس جمال عبدالناصر، الذي كان يعشق العمل النقابي المنظم وكي يشجع الشباب ويشد من أزرهم وينهض بهم ولشد قواهم، فكان يقول بعد أن يرحب بهم «أنتم أيها الشباب أمل المستقبل بل أمل الحاضر والمستقبل، فعلى اكتافكم تقع المسؤوليات الكبرى، من أجل الآمال الكبار… إلخ». وهذه تعتبر علامة مميزة بعبدالناصر وحبه للشباب، فكانت فرصة هذه المناسبة لتجمهر الشباب من كل أنحاء العالم العربي وتأثروا بما قاله حين قال إنه فخور بجيشه الذي لا يقهر في مقابلة جيش إسرائيل والذي تمكن العدو من وضع قناة السويس ونهر الأردن وهضبة الجولان حدودا له، وأخذ بتوسعة أراضيه على حساب الأراضي العربية وتحديداً أجزاء من سيناء ونكسة 1967 ستجعل التحدي أكبر بين استعداد الدول العربية لتجييش جيوشها مقابل الانسحاب الإسرائيلي أو القتال سيظل مستمراً وإما الحياة أو الموت، وعلق في خطبته أن «100 مليون عربي» يستطيعون القضاء على إسرائيل، التي كان تعدادها السكاني 3 ملايين نسمة في ذلك الوقت وكانت الكويت قد شاركت بلواء اليرموك آنذاك.
وذكر الزعيم أن إسرائيل ضمت القدس والضفة الغربية وأجزاء من سيناء وهضبة الجولان من سوريا، ولكن العرب لم ولن يصمتوا عن ذلك، وستبدأ مرحلة التحدي والحرب مستمرة. وحين عودة والدي إلى الكويت مع الوفد الذي معه كان فخوراً برؤية جمال عبدالناصر ومؤمنا بكلامه وحماسه الوطني. وما زلت أتذكر حين كان والدي يجلس بجانب الراديو ليتابع تشييع جنازة عبدالناصر، حيث كان عمري سبع سنوات وكنا نسكن منطقة الفحيحيل ووالدي كان حزينا صباح ذلك اليوم، بل ذرفت الدموع من عينيه لوفاة الزعيم جمال عبدالناصر بنوبة قلبية في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 1970. رحم الله الاثنين وجمعهما في جنات الفردوس.

نفيعة الزويد

نقلا عن القبس

قد يعجبك ايضا