مؤسسة تمكين بلا تمكين: إرضاء المجتمع الدولي والثمن إسقاط حقوق الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى
بقلم: د. تيسير فتوح حجه …..
الأمين العام لحركة عداله
في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون السياسات والمؤسسات الوطنية أدواتٍ لحماية الفئات الأكثر تضحيةً في شعبنا، نشهد اليوم انحرافًا خطيرًا في البوصلة، حيث يجري تسويق عناوين براقة مثل “التمكين” بينما المضمون الحقيقي هو التفريغ الممنهج لحقوق الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى، تحت ضغط إرضاء المجتمع الدولي وشروطه السياسية والمالية.
ما يُطرح على أنه إصلاح إداري أو إعادة هيكلة مؤسساتية، هو في جوهره استجابة لإملاءات خارجية تُعيد تعريف النضال الفلسطيني بوصفه عبئًا، وتحوّل الحقوق الوطنية إلى “ملفات إنسانية” قابلة للتجميد والمساومة. وهنا يتحول “التمكين” إلى شعار بلا مضمون، وإلى مؤسسة بلا وظيفة وطنية، عندما يُستبعد أصحاب الحق الحقيقيون من أولويات الدعم والحماية.
إن محاولة فصل الحقوق الاجتماعية للأسرى وأهالي الشهداء والجرحى عن بعدها الوطني والقانوني، تمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ العدالة، وتناقضًا مع القانون الأساسي الفلسطيني، ومع التزامات الدولة تجاه من دفعوا أثمان الحرية بدمائهم وأعمارهم. فهذه الحقوق ليست مِنّةً ولا إعانة، بل استحقاقات قانونية وأخلاقية غير قابلة للتصرف
الأخطر من ذلك، أن هذا النهج يفتح الباب لتجريم النضال، ويُعيد إنتاج رواية الاحتلال بوسائل فلسطينية، حين يُطلب من شعبٍ تحت الاحتلال أن يعتذر عن مقاومته، وأن يدفع هو نفسه فاتورة صموده، مقابل وعودٍ مالية مشروطة لا تصمد أمام أول اختبار سياسي.
موقف حركة عداله
تؤكد حركة عداله رفضها القاطع لأي سياسات أو مؤسسات تُبنى على حساب حقوق الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى، أو تُدار بمنطق الاسترضاء السياسي على حساب العدالة الوطنية. ونشدد على أن التمكين الحقيقي يبدأ من حماية الحق، لا من شطبه، ومن صون الكرامة، لا من مقايضتها.
وتدعو الحركة إلى مراجعة شاملة لهذه السياسات، وإعادة الاعتبار للبعد الوطني والقانوني لحقوق هذه الفئات، باعتبارها خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه، وأساسًا لأي مشروع وطني يسعى للحرية والعدالة والاستقلال.
إن شعبنا الذي صمد في وجه الاحتلال، لن يقبل بتمكينٍ مزيف، ولا بعدالة منقوصة، ولن يسمح بإسقاط حقوق من صنعوا كرامته، مهما كانت الضغوط ومهما تغيّرت العناوين.
الكاتب من فلسطين