انتخابات عابثة: على ماذا سنصوت؟

 

لماذا نقدم موعد الانتخابات؟ هل من المجدي إعطاء رئيس الأركان السابق بيني غانتس فرصة للتنافس فيها كرئيس حزب جديد؟ بالفعل من المهم للجمهور الغفير أن يعرف ما هي مواقف الفريق احتياط غانتس في المواضيع السياسية، والاقتصادية، والأمنية والاجتماعية، التي أبقاها حتى الآن لنفسه. ولكن مشكوك في أن يكون التطلع للكشف عن آرائه يبرر تقديم موعد الانتخابات. فيمكن تحقيق ذلك من خلال مقابلة عميقة مع الرجل، بكلفة أقل بكثير.
وفقاً للاستطلاعات في هذه اللحظة، فإن ما كان قبل الانتخابات، في التوزيع إلى يسار ـ وسط ـ يمين، هو ما سيكون بعدها. ذات السيدة، ذات التمشيطة، سواء سميت هكذا أو كذلك. وعندها فعلى ماذا بالضبط ستكون الانتخابات. ليس على الاقتصاد، وليس على المجتمع ولا حتى على السياسة تجاه السلطة الفلسطينية. الانتخابات ستكون على شدة الضربة التي ينبغي تسديدها لحماس. على هذا سنتوجه إلى صندوق الاقتراع. الانتخابات يجب أن تكون على استراتيجية وطنية شاملة وليس على مسائل تكتيكية أو مؤقتة.
فلننظر مثلاً إلى ميزانية الحكومة. الحكومة لا تحتاج إلى أن تدير الآن اقتصاد انتخابات، لأنه منذ سنة ونصف على الأقل يدير نتنياهو، ووزير المالية كحلون، وورؤساء اللجان في الكنيست سياسة واضحة تتمثل بـ «الإحسان للشعب». فقد سبق أن اتخذوا اقتصاد الانتخابات، الذي تضمن تسهيلات في الضرائب على الأرباح، وإلغاء الجمارك، وزيادة نفقات الميزانية المدنية بمعدل غير مسبوق منذ الهجرة الكبرى من الاتحاد السوفياتي سابقاً. توسيع غير ملجوم لخطة «ثمن للسكان» وقرارات عن علاوات الأجور، والتقاعد والمخصصات.

الاقتراع سيكون على شدة الضربة التي ينبغي تسديدها لحماس

الخطوات التي بعضها صحيح وبعضها زائد اتخذت بلا حساب. بمعنى أنه دون مصدر في الميزانية لتمويلها. وتحطمت الأطر، وتعمق العجز المالي ولم يعد الاستقرار الاقتصادي أمراً مسلماً به. حتى قبل بضعة أشهر واصل وزير المالية الوعد بتخفيض الضرائب أكثر فأكثر. من حظنا أن الصرخة التي رفعتها محافظة بنك إسرائيل في حينه، كرنيت بلوغ، أخرت تنفيذ الوعد إلى أن تبين كم هو خطير.
ومع ذلك تعالوا لا نخرج عن التوازن. فالخروجات عن الإطار والتي تراكمت حتى الآن، تحتاج إلى تعديل ما على الميزانية بحجم 5 ـ 7 مليار شيكل. هذه ليست دراما؛ يكفي رفع محدود للضرائب ومتدرج، أو تقليص مؤقت في العلاوات السخية التي أعطيت للأمن. وهذا ليس مبرراً معقولاً لتفكيك الحكومة. لأحزاب الائتلاف وأحزاب المعارضة الصهيونية على حد سواء لا توجد أفكار اقتصادية تخرج عن الإجماع. وانتهت أيام الاحتجاج والعاصفة. وفي هذه المناسبة يمكن لوزير المالية أن يثبت للناخبين بأنه لا يعرف كيف يعطي، بل وكيف يأخذ. وهذه ميزة نجح في أن يخفيها عنهم حتى الآن.
لا يسود الإجماع في الاقتصاد فقط؛ ففي الأفق غير المنظور لا يوجد أي حزب سياسي يحمل رسائل أصيلة تخترق الطريق في المجال السياسي (مثل رسالة «الاحتلال سيء لإسرائيل» لحزب «كديما» بقيادة ارئيل شارون في بداية طريقه)، أو اجتماعية وطنية (مثل الرسالة العلمانية لـ «يوجد مستقبل» بقيادة يئير لبيد في بداية طريقه). وإقامة أحزاب وسط أخرى عديمة اللون، وشفافة كهذه، زائدة تماماً. فهي لن تختلف عن الأحزاب القائمة إلا في الصياغات العابثة.
ورغم كل هذه التحفظات، فإني بالفعل أرى إمكانية انعطافة هامة في الانتخابات القريب، يمكن بسببها أن يكون هناك معنى لإجرائها في أقرب وقت ممكن. إذ ما هو التغيير الكبير، الجارف، الذي يجري الآن في كل العالم؟ صعود قوة والنفوذ السياسي للنساء. القوة النسوية تعتبر كحاجز أساس في وجه صعود الشعبوية القومية الظلامية. وعليه، فإن المعسكر الصهيوني يجب أن يتحرر من الحسابات الكتلية وأن يوقف على رأسه النائبة تسيبي لفني. لقد سبق للفني أن أظهرت بأنها قادرة على أن تهزم نتنياهو في انتخابات 2009، وليس هناك ما يمنع من أن تنجح في ذلك في 2019، ولا سيما إذا ما عرضت آفي غباي مثلاً كمرشحها لوزارة المالية، وبيني غانتس مثلاً كمرشحها لوزارة الدفاع.
لليفني قدرة زعامية، وتجربة سياسية، وحزبية، وأمنية واقتصادية، ومذهب متبلور وروح قتالية. وبالنسبة لغباي وغانتس لن يضرهما أن يكونا لبضع سنوات كوزيرين كبيرين في الحكومة. بل ومرغوب في ذلك، إذا كانا يريدان حقاً، مثلما يقولان، إنقاذ الدولة»، فهذه مساهمتهما الوطنية في هذا الوقت: إعطاء ليفني القيادة والوقوف إلى جانبها. من أجل هذا من المجدي تقديم موعد الانتخابات. وإلا فيمكن الانتظار لسنة.

سيفر بلوتسكر
يديعوت 18/11/2018

قد يعجبك ايضا