ثمن سياسة ضبط النفس الإٍسرائيلية
ظُهر يوم الثلاثاء جاء في الأخبار بأن منظمات المخربين في قطاع غزة أعلنت بأن الرسالة لإسرائيل من ناحيتهم انطلقت: إذا أوقفت النار فسيكون الهدوء. ويشرح المحلل بأنه ينبغي التعاطي مع ذلك كحرب نفسية. ولكن الكابنت، لشدة العجب، أخذ بالرسالة ووافق على وقف النار.
إن هذه الوقاحة هي نتيجة مباشرة للأشهر الثمانية الأخيرة، التي تآكل فيها الردع الإسرائيلي بشكل فضائحي. فأربع سنوات ونصف منذ «الجرف الصامد»، تمتع سكان النقب الغربي بهدوء لم يشهد له مثيل منذ العام 2000. فقد نجح الردع. ولكن في 30 آذار أعلن الفلسطينيون عن «مسيرة العودة»، العملية المتواصلة التي تتضمن مساً يومياً بالجدار الحدودي، وإلقاء العبوات الناسفة، والزجاجات الحارقة والقنابل اليدوية نحو إسرائيل على أساس يومي، وتخريب الجدار والتسلل إلى إسرائيل ودرة التاج ـ إرهاب الحرائق، التي رغم التسمية المحببة لها كـ «طائرات ورقية» أو «بالونات» فقد أحرقت حقولاً زراعية وأحراجاً طبيعية بحجوم هائلة. أما حكومة إسرائيل ففضلت احتواء كل هذا والتجلد.
ما كان لدولة طبيعية أن تسمح بمثل هذا الاغتيال لسيادتها. كان ينبغي لإسرائيل أن توضح من اللحظة الأولى: حكم «الطائرة الورقية» الحارقة كحكم الصاروخ. وخلية إطلاقها ستباد مثلما تباد خلية إطلاق الصواريخ.
ولكن حكومة إسرائيل قررت الاحتواء، والاحتواء سحق الردع. بعد أكثر من أربع سنوات ونصف عادت الصواريخ؛ إسرائيل ردت، وعندها وافقت على وقف النار. ليس وقفاً شاملاً للنار، بل وقف نار الصواريخ وهجمات الجيش الإسرائيلي. وهكذا نقلت دولة إسرائيل رسالة واضحة: الحروقات مسموح بها؛ مسموح للمخربين أن يحرقوا النقب الغربي، على ألا يطلقوا الصواريخ.
نعم لوقف إطلاق النار ولكن كان ينبغي ضربهم من أجل ردعهم
واصل الردع التآكل، ومرة أخرى وقف نار ليس وقفاً للنار، وجولة أخرى، وهلمجرا… حتى هجمة 470 صاروخاً على بلدات الجنوب الأسبوع الماضي.
كان يمكن أن نتوقع من الحكومة أن تضع حداً لتآكل الردع. كان علينا أن نوجه لمنظمات الإرهاب ضربة تلحق بهم دماراً وخسائر بالجملة. ضربة تدفع حماس لأن تستجدي وقف النار ـ الحقيقي، المطلق، بعيد المدى. وبدلاً من ذلك ومثل الماضي، قرروا القواعد ونحن جررنا.
لقد شرح رئيس الوزراء بصدق رغبته في منع الحرب. وبالفعل، من المتوقع من الزعيم أن يفعل كل ما في وسعه كي يمنع الحرب أو يؤجلها على الأقل قدر الإمكان. ولكن السبيل إلى ذلك هو الردع.
إن تآكل الردع يشجع العدو، ويعزز جسارته ويقرب الحرب. لو كنا نرد على «الطائرات الورقية» الحارقة الأولى وكأنها صلية صواريخ، لقضي على الظاهرة وهي في مهدها. أما التجلد فجلب علينا في الأشهر الأخيرة نحو ألف صاروخ. هذا العجز يلاحظه حزب الله وإيران أيضاً. الاحتواء في الجنوب من شأنه إذن أن يشعل الشمال أيضاً.
وقف نار؟ تسوية؟ بالتأكيد نعم. ولكن فقط من موقع الردع. ومن أجل استعادة الردع، كان ينبغي ضربهم.
اوري هايتنر
إسرائيل 18/11/2018