تراجع القضاء الإسرائيلي

 

جهاز إنفاذ القانون ـ الشرطة، والنيابة العامة، ومكتب المستشار القانوني للحكومة ـ بدأ يذكرني بمجموعات عسكرية استولت على الحكم في البلدان التي أبدى فيها منتخبو الجمهور ضعفاً قيادياً. ولكن ما ينبغي أن يقلق على نحو خاص هو سيطرة المحكمة العليا على كل الأجهزة الأخرى في الدولة.
حدثان وقعا مؤخراً يثبتان بأننا في منحدر سلس، واحد وقع في مكتب رئيسة المحكمة العليا. فقد قررت القاضية استر حايوت بأنه في الالتماسات ضد دستورية قانون القومية، الذي هو قانون أساس، سيبحث 11 قاضياً جزءاً من الدستور المتبلور لإسرائيل، بدلاً من رد الملتمسين رداً باتاً في ظل القول الصريح إنه ليس من صلاحية المحكمة البحث في دستورية القوانين الأساس ـ على أن تكون أقرت قانونياً بالأغلبية اللازمة لذلك ـ قررت «حايوت» هيئة خاصة تبث، على حد فهمي، إحساساً بأن هناك نية للبحث في الالتماسات من حيث مضمونها. بمعنى، فحص قانون القومية من حيث مضمونه، في ظل فحص إمكانيات تغييره بإضافة كلمات أو شطب تعبيرات، وفقاً لذوق القضاة. إن المذهب الشخصي لكل واحد منهم هو الذي يقرر ما سيكون طابع إسرائيل. هل سيكون، كتعريفها، الوطن القومي للشعب اليهودي، أم وطن كل من يسكن فيها؟ هذه خطوة من الصعب قبولها، غير أنى لست واثقاً من أن القيادة المنتخبة ستكون قادرة على أن ترد عليها.
لقد تناول أهرون باراك في حينه القانون الأساس: «كرامة الإنسان وحريته بصفته موافقة أعطيت للسلطة القضائية لإلغاء القوانين، إذا تعارضت هذه مع مبادئ غامضة أعتقد أنها جزءاً من دستور إسرائيل. وحتى اليوم لم يشعر هو بحاجة إلى الاعتذار إلى الخطوة ذات نزعة القوة التي اتخذها، الأمر الكفيل بأن يفيد بأن خلفاءه أيضاً لن يترددوا في السير في طريقه.
والحدث الثاني مثير للقلق أيضاً: فاجتماع متقاعدي جهاز القضاء ـ أولئك الذين تلقوا الدعوة بالطبع ـ والذين جعلوا أنفسهم مثابة مجلس استشاري، مجلس لوردات إسرائيل. في مرحلة معينة أشاروا إلى المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، هكذا نشر، كيف يتصرف في ملفات نتنياهو. يبدو هذا رهيباً، ويسمع مخيفاً. غير أن أولئك «الكبار» الذين عينوا أنفسهم على مدى السنين بأسلوب الصديق يجلب صديقه. قضاة، ورؤساء، ونواب عامون: كلهم أصدقاء الكل. لم يبد أحد منهم تحفظاً لمجرد المناسبة. وبالتالي يوشك مندلبليت أن يستمع لمشورات مجلس الحكماء وأن ينشر موقفه قبل الانتخابات، رغم أن الحديث يدور عن «كعكة غير مخبوزة»، يمكن أن يتغير طعمها 180 درجة بعد الاستماع. وعليه فإن مجرد نشر موقف المستشار هو أمر مرفوض. لا أدري كيف سينتهي هذا، ولكن ما يحصل أمام ناظرينا إشكالي جداً. من الصعب قبول الوحشية التي يتصرف بها جهاز القضاء اليوم.

د. حاييم مسغاف
معاريف 6/1/2019

قد يعجبك ايضا