الرئيس الفرنسي يعرض خفضا للضرائب لاحتواء غضب محتجي «السترات الصفراء»
وهج 24 : في أول مؤتمر صحافي كبير منذ توليه السلطة، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخفض الضرائب، لكنه قال ان مواطني بلاده سيتعين عليهم العمل أكثر وهو يحدد ملامح رده على احتجاجات مستمرة منذ شهور شكلت تهديدا لسلطته.
وجلس ماكرون خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عصر أمس الأول في قصر الإليزيه لتلقي أسئلة الصحافيين لما يقرب من ساعتين ونصف الساعة في مسعى لإعادة تشكيل علاقته المضطربة مع وسائل الإعلام.
واعتذر ماكرون مجددا عن تصريحاته الحادة في بعض الأحيان، والتي تعطي عنه انطباعا بالغرور وساهمت في انخفاض شعبيته بشكل حاد. وبدأت معدلات التأييد له في التعافي بعض الشيء.
وبعد نحو عامين من توليه الرئاسة في ولاية تستمر خمس سنوات، وبعد جولة في البلاد شملت عقد حلقات نقاشية واستماع لآراء كثيرين، حاول ماكرون من خلال المؤتمر الصحافي احتواء غضب محتجي السترات الصفراء المستمرة منذ نحو ستة أشهر والتي تسببت في فوضى أسبوعية في البلاد.
وأخفقت أول حزمة من الإجراءات في ديسمبر/كانون أول الماضي، وقيمتها عشرة مليارات يورو ( 11.13 مليار دولار)، في حل الأزمة وتهدئة غضب العمال ذوي الدخول الأقل، ودفعت ماكرون لإجراء «نقاشات موسعة» مع المواطنين.
وقال ماكرون (41 عاما)، وهو مصرفي ووزير اقتصاد سابق، أنه يريد إجراء خفض «كبير» في ضريبة الدخل، مشيرا إلى ان قيمته ستصل إلى نحو خمسة مليارات يورو يتم تمويله من خلال سد الثغرات لبعض الشركات.
ويأتي الخفض الضريبي في وقت تحاول فيه البلاد إبقاء عجز الميزانية في حدود آمنة، وفي الوقت نفسه التخلص من سمعتها كدولة تفرض أعلى ضرائب في العالم.
وتظهر بيانات «منظمة التعاون الاقتصادي» والتنمية أن فرنسا لديها فعلا أعلى معدل ضرائب في العالم بما يوازي 54 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالإضافة إلى خفض الضرائب، قال ماكرون ان الإنفاق الحكومي سيتقلص، لكن على الفرنسيين أيضا أن يعملوا أكثر لزيادة المشاركة الاجتماعية، وهو أمر ليس من المتوقع أن يلقى قبولا شعبيا في بلد معروف بأسبوع عمل من 35 ساعة.
وأضاف «علينا العمل أكثر كما قلت من قبل… فرنسا تعمل أقل كثيرا من المتبع في دول الجوار. نحتاج لطرح نقاش جدي عن ذلك».
وتابع القول أنه يريد أن يشعر الناس بمزيد من المشاركة في العملية الديمقراطية، من خلال تبسيط قواعد إجراء الاستفتاءات على موضوعات معينة، وتطبيق اللامركزية في المزيد من المهام الحكومية.
وقال أيضا إنه يريد إلغاء «المدرسة الوطنية للإدارة» وهي كلية للنخبة تدرب قادة الأعمال والسياسة في البلاد، مضيفا أن هناك وسائل جديدة مطلوبة لتوظيف من يشغلون المناصب المدنية العليا.
وعلى الرغم من أن عدد المتظاهرين انخفض مقارنة بالذروة التي بلغها في نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أن المحتجين اشتبكوا مع الشرطة في الأسبوع الثالث والعشرين على التوالي من المظاهرات يوم السبت الماضي، مما أدى إلى استمرار التأثير السلبي على الأعمال والسياحة والاقتصاد.
كما واجه ماكرون بسبب المظاهرات معركة سياسية ضارية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي التي تجرى الشهر المقبل. وتُظهر استطلاعات الرأي أن حزب مارين لوبان اليميني المتطرف سيحقق نتائج جيده وقد يتفوق على حزب ماكرون وهو حزب «الجمهورية إلى الأمام».
والرد الذي جاء به ماكرون في مؤتمره الصحافي هو نتاج ثلاثة أشهر من النقاشات على مستوى البلاد طرح خلالها قضايا مثل الضرائب والديمقراطية في الداخل وقضايا أخرى مع رؤساء بلديات وطلبة وعمال.
وقال في المؤتمر الصحافي «نحن قبل كل شيء أبناء التنوير… ومن هذه النقاشات والحوارات وقدرتنا على معارضة بعضنا البعض… تأتي الحلول الجيدة لصالح هذه البلاد».
لكن الرئيس الفرنسي تمسك بموقفه فيما يتعلق بأغلب الإصلاحات التي نفذتها حكومته بالفعل، وقال «سألت نفسي هل علينا أن نوقف كل شيء فعلناه خلال العامين الماضيين؟ هل سلكنا منعطفا خاطئا؟ أعتقد العكس تماما».
وبدأت الاحتجاجات في نوفمبر/تشرين الثاني بسبب خطط لزيادة الضرائب على الوقود، لكنها تطورت لتصبح مظاهرات أوسع نطاقا ضد انعدام المساواة وانفصال النخبة السياسية عن المواطنين.
المصدر : رويترز