نيويورك تايمز: هل يستطيع ترامب تصنيف الإخوان “جماعة إرهابية”؟

 

وهج 24 : تساءل مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ومؤلف كتاب “في يد العسكر” عن توجه البيت الأبيض تصنيف حركة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية استجابة لمطالب مصر وبعض دول المنطقة.
وقال إن الرئيس دونالد ترامب يريد تصنيف الإخوان المسلمين كحركة “إرهابية” ويعني هذا فرض عقوبات على الجماعة ومن يتعامل معها. وقال كيرباتريك إن مسؤولين في البنتاغون ووزارة الخارجيةعبروا عن اعتراضهم ضد خطط كهذه وقالوا إن جماعة الإخوان المسلمين لا تنطبق عليها المعايير القانونية التي تربط عادة بتصنيف الجماعات وربما ترك التوجه آثارا غير معروفة في دول الشرق الأوسط الحليفة التي للإخوان المسلمين فيها أحزاب سياسية. ونبذت حركة الإخوان المسلمين العنف أكثر من مرة. وأشار الكاتب إلى ان الحركة ظهرت في مصر عام 1928 على يد معلم المدرسة حسن البنا أثناء عمله في مدينة الإسماعيلية قرب قناة السويس. ودعا للإحياء الإسلامي كوسيلة لمساعدة العالم الإسلامي على متابعة الغرب في التقدم والتخلص من الحكم الاستعماري. ويقول إن البنا لم تكن لديه رؤية واضحة خاصة أن الحركة تجنبت توضيح طبيعة الحكومة الإسلامية. وانتشرت تعاليمه بسرعة وابعد من مصر واليوم هناك حركات إسلامية بما فيها جماعات دعوية وخيرية وحقوقية وكذا أحزاب سياسية تعود بجذورها للجماعة، وبعضها يستخدم اسم الإخوان والآخر لا. وهناك أحزاب سياسية مرتبطة بالإخوان معترف بها في دول حليفة لأمريكا مثل الكويت والأردن والعراق والبحرين وتركيا وتونس. وتساءل كيرباتريك إن كانت حركة الإخوان جماعة إرهابية ويجيب: لا. فحتى النقاد للحركة يوافقون أن تعريف الجماعة الإرهابية لا ينطبق عليها. ففي أثناء الحكم الملكي الذي دعمته بريطانيا في الأربعينات من القرن الماضي كانت جماعة الإخوان واحدة من عدة جماعات شكلت جماعات مسلحة. وفي عام 1948 قام طالب طب بيطرة عمره 23 عاما باغتيال رئيس الوزراء. وبعد أسبوعين اعتقلت خلية كانت تخطط لزرع قنبلة في قاعة محكمة. وشجب البنا العملين وقال عن المنفذين “ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين”. وفي الستينات اعتقلت مجموعة وهي تخطط لعمل عسكري، وفي هذه المرحلة قننت الحركة موقفها “دعاة لا قضاة”. ويقول المؤرخون أن لا أدلة منذ ذلك الوقت عن تورط حركة الإخوان بأعمال عنف. وصنفت حكومة عبد الفتاح السيسي الحركة كإرهابية وتلقي في العادة باللوم عليها عند حدوث أي عمل إرهابي وهو ما تنفيه الجماعة بقوة. ومن الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 انشق عدد من الأعضاء وشكلوا تنظيمات قامت بأعمال عنف مثل حسم وثورة وكلاهما مصنف في قائمة الجماعات الإرهابية في الولايات المتحدة. وعن قيام فروع للحركة خارج مصر بأعمال إرهابية يجيب، أن حركة حماس الفلسطينية التي كانت جذورها إخوانية قامت بعمليات اختطاف وعمليات انتحارية وهي مصنفة في قائمة الجماعات الإرهابية في الولايات المتحدة. وأبعد من هذا فالحركات المرتبطة بالإخوان حول العالم تعترف بعلاقة وإن بعدت وتعمل مستقلة. ولهذا فمن الصعوبة بمكان الحديث بشكل قاطع. وتساءل الكاتب إن كانت الجماعة مرتبطة بحركات مثل القاعدة. ويجيب أن الكثير من الأشخاص الذين لم يعجبهم أسلوب الإخوان النابذ للعنف تركوها وانضموا لحركات مثل القاعدة. فأيمن الظواهري الذي ساعد على إنشاء تنظيم القاعدة كان عضوا سابقا في الإخوان، وألف كتابا انتقد فيه أسلوب الإخوان الذي لا يركز على العنف “الحصاد المر” ورفضت حركة الإخوان وبشكل مستمر القاعدة. وعن موقف الإخوان من الديمقراطية قال كيرباتريك إن دعوة ومشاركة الإخوان المسلمين في أنحاء العالم العربي صارت علامة لهم مما تضعهم على تضاد مع الأنظمة الديكتاتورية والحركات الإسلامية المتطرفة. وبدأ الإخوان يشاركون في البرلمان المصري المفرغ من السلطة ويفوزون بمقاعد منذ الثمانينات من القرن الماضي، في عهد مبارك وبعد الإطاحة به عام 2011 حيث حازوا على شعبية في أول انتخاب حرة وانتخت واحد منهم رئيسا لمصر وهو محمد مرسي عام 2012 ولكن الجيش حل البرلمان وأطاح به عام 2013. وبعد الربيع العربي فازت الحركة الإسلامية في تونس باول انتخابات حرة في البلاد وشكلت الحكومة، ولكنها قررت التخلي عن السلطة ولا يزال حزب النهضة يلعب دورا مهما في المجلس التشريعي. وعن الداعمين لتصنيف الإخوان قال كيرباتريك أن حاكم مصر السيسي وحلفائه في السعودية والإمارات الخائفون من صعود الإخوان وفوزهم بالانتخابات قاموا بقمع الإخوان ودعوا حلفاءهم لعمل الشيء نفسه. ويناقشون أن الإخوان هي أيديولوجية إسلامية معارضة للدولة القطرية وهي تهديد على الاستقرار. ويقولون إن الإخوان والقاعدة هما شيء واحد نظرا لدعوتهما لمجتمعات يحكمها الإسلام. وفكرت إدارة ترامب تصنيف الإخوان في الأسابيع الأولى من حكمه عام2017. وفي اجتماع بالبيت الأبيض قبل أسابيع حث السيسي ترامب التحرك ضد الإخوان فوافق وقال إن الفكرة معقولة. وقامت بريطانيا بضغط من دول الخليج بالتحقيق في ملف الإخوان المسلمين ولكنها قررت أن الحركة لا ينطبق عليها التعريف. وإن كان ترامب قادر على المضي وتصنيف الإخوان، أجاب كيرباتريك، لا. وعليه أولا أن يقدم أدلة عن تورط حركة الإخوان بأعمال إرهابية هددت الولايات المتحدة ومصالحها. وبعد كتابة المخابرات الامريكية تقريرا فيه أدلة على وزير الخارجية التشاور مع النائب العام والمالية حول التصنيف. ويعطى الكونغرس سبعة أيام لوقفه ولدى حركة الإخوان 30 يوما للطعن في القرار امام محكمة فدرالية في واشنطن. وحتى الخبراء الذين يعتبرون الإخوان حركة “شريرة” يعترفون بعدم اطلاعهم على أدلة يمكن أن تقنع المحكمة أنها جماعة إرهابية. وقال جوناثان سانشيز من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية التي عادة ما تنتقد الإخوان “لا يفهم السعوديون والإماراتيون والمصريون طبيعة النظام الأمريكي”. ويتوقع عمرو دراج، الوزير السابق في حكومة مرسي والذي يعيش اليوم في إسطنبول أن أي تحرك بهذا الاتجاه سيؤدي لهزيمة. وقال “قد يكون التنصيف سيئا للشرق الأوسط ولكنه جيد للإخوان، فبيان واضح من المحكمة سيكون أنهم جماعة ليست إرهابية”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا