«أوتشا»: عنف المستوطنين يزداد ضد سكان الضفة… بحماية الجنود

 

كتابة الإسرائيليين عن عنف المستوطنين كأن تحدث الجمهوريين عن ارتفاع درجة حرارة العالم. ليس هناك حظر على نشر الوقائع المقلقة، لكن ليس هناك إلزام بالبحث عنها وتعلم الدروس الواضحة. الفرق البارز الوحيد هو أنه ظهر لدى الجمهوريين الشباب مؤخراً عدد من الثقوب في جدار الرفض لفهم الخطر. منذ بداية السنة وحتى 20 أيار سجلت 89 حالة عنف للمستوطنين انتهت بإتلاف ممتلكات بمختلف الأنواع (أشجار ومحاصيل وسيارات وغيرها). و45 حالة انتهت بضرر جسدي. هكذا حسب الإجمالي الذي يصدر كل أسبوعين عن «أوتشا»، وهو مكتب تنسيق النشاطات الإنسانية للأمم المتحدة.
في العام 2018 كانت البيانات الموازية 207 و73 على التوالي. هل نحن ذاهبون للوصول إلى 2018 التي سجل فيها تزايد مجدد لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين (بعد ثلاث سنوات من الهبوط مقابل الأعوام 2012 ـ 2014 التي تميزت بعدد عال بشكل خاص من النشاطات العنيفة)؟
مهاجمة مستوطنين تستدعي قدوم جنود، ليس من أجل منع المس بالفلسطينيين، بل من أجل الدفاع عن اليهود. وهذا يتطور فوراً أيضاً على عنف «رسمي» ضد الفلسطينيين: أضرار جسدية «مسموحة» واعتقالات.
إليكم مثلاً، ما حدث في نهاية الأسبوع في الحمة شمال الغور (مفترق محولة). أحد سكان بؤرة استيطانية مزدهرة غير قانونية اقتحم مع قطيعه حقلاً للقمح حصد للتو: مزارعو القمح وحاصدوه من عائلة أيوب يعيشون هناك من عشرات السنين في خيام وبقايا مبان مؤقتة. بعد الحصاد يتم استخدام سيقان القمح لإطعام الأغنام خلال ثلاثة أسابيع.
مجال الرعي للعائلة الفلسطينية وأغنامها سبق أن أغلقته بالعنف هذه البؤرة الاستيطانية التي يوجد ضدها أوامر هدم كثيرة. «هي مجرد بؤرة فرعية عن بؤرة تم تبييضها، جفعات سلعيت». وفي أيدي سكانها المسلحين والمحميين من قبل الجنود. مكالمات مستعجلة لنشطاء «تعايش» للشرطة والجيش أجريت، والغازي وقطيعه تم إخراجهم من الحقل.

يأتي تكتيكياً لهدف واحد: طرد الفلسطينيين وتوسيع الأرض لليهود

في صباح السبت الماضي، الذي خرج فيه عدد من أبناء العائلة الشباب مع الأغنام إلى الحقل، نزل المستوطن الإسرائيلي نفسه نحوهم وأطلق النار في الهواء. الرعاة هربوا، وجاء الجنود إلى المكان واعتقلوا بالطبع شقيقهم الذي كان يرعى في الجانب الثاني من الشارع. الجنود كبلوا يديه وعصبوا عينيه بقطعة قماش وزجوه داخل الجيب العسكري. أحضروه إلى موقع قريب، كان الوقت الساعة التاسعة والنصف. نشطاء «تعايش» اتصلوا على الفور من أجل استيضاح الأمر. وفي الثانية والنصف قيل لهم إن الراعي أطلق سراحه. ست ساعات هي الحد الأقصى المسموح فيه للجيش باحتجاز فلسطيني دون إحضاره أمام الشرطة.
أحد النشطاء في الستينيات من عمره، انتظر الراعي خارج البؤرة. عندما رفض الإخلاء قام ضابط باعتقاله على خلفية صرخات فرح الجنود وعائلاتهم الذين جاءوا لزيارتهم. شرطي جاء بعد ساعتين ونصف تقريباً أطلق سراحه عندما فهم أن الاعتقال تم بدون صلاحية. الأخطر من ذلك هو أن الراعي أطلق سراحه من اعتقاله العبثي في الساعة الرابعة والنصف.
في أرجاء الضفة الغربية يكون عنف المستوطنين تكتيكياً ويفرض الرعب بعيداً عن الصدفة، إنما هو موجه والهدف واضح: طرد الفلسطينيين وتوسيع المنطقة المخصصة لليهود. «تعايش» ونشطاء قلائل آخرين يحاولون وضع العصي في الدواليب، أحياناً ينجحون وبشكل عام يكون نجاحهم أقل.
جزء من العنف هو أيضاً قلة اهتمام الجمهور. يتم خرقه لبضع ثوان عندما يتم نشر صورة لشخص مع ضفائر مجعدة ويعتمر قبعة وهو يشعل النار في الحقل أو يركض وهو ملثم. جزء من العنف هو أن تقديم تقرير لا يعتبر توثيقاً طالما لا توجد صور جنسية كهذه. رعب العنف يتراكم، والمستوطنون يصبحون أكثر جرأة، والجيش والشرطة يساعدون بالعجز المتعمد. الاحترار (زيادة الحرارة) كارثة.

عميره هاس
هآرتس 28/5/2019

قد يعجبك ايضا