المبدعين بين الوجود والغياب !!!

يتفوق الانسان عن بقية الكائنات الاخرى بفضل وظائفه العقلية العليا كالادراك والذاكرة واللغة والتخيل حيث ان التخيل ينقسم الى نوعين تخيل تمثيلي حيث يسترجع فيه الانسان الصور ويمثلها في عقله بعد غياب الاشياء المحسوسه التي احدثتها وتخيل ابداعي حيث يبتكر فيه صوراً جديدة غير مألوفة تتجاوز الواقع وهذا ما يجعل الانسان كائناً مبدعاً والابداع يعرف بأنه تركيب شيء على غير مثال سابق والقدرة على ايجاد حلول جديدة للمشكلات التي نعيشها وهناك من الخبراء من يرجع عملية الابداع الى شروط نفسية وذاتية خاصة بالمبدع ومنهم من يرجعها الى شروط اجتماعية والى احتياجات ومتطلبات يطلبها المجتمع فعلماء النفس يذهبون الى ان الابداع يعود الى شروط نفسية تتعلق بالمبدع وتميزه عن غيره من الناس نذكر منها حدة الذكاء وقوة الذاكرة وسعة الخيال وخصوبته والارادة والشجاعة والصبر والرغبة في التجديد والتحديث فبقدراته العقلية المميزة هيّأته لادراك مختلف المشاكل القائمة والمتكررة ولايجاد الحلول لها .
ان العوامل الذاتية لا غنى عنها في الابداع لكنها لا تكفي وحدها في غياب محيط اجتماعي مناسب وملائم لان بعض المجتمعات تقتل روح الابداع وتحول دون تفتق المواهب وظهورها لاسباب عديدة منها الغيرة والحسد او رغبة المسؤول في سرقة ذلك الابداع لنفسه وغير ذلك من الاسباب او الخوف على منصبه من ظهور او ابراز اي مبدع في مجال عمله لذلك نشاهد ظاهرة هجرة الادمغة من دول العالم الثالث او الدول الفقيرة التي لا تحمي مبدعيها ولا توفر لهم ما يحتاجونه لتكون الهجرة الى الدول المتحضرة والمتقدمة التي تُقدر ذلك الابداع وتتبناه وتدعمه وتوفر له كل الامكانيات فالبذرة تذبل وتموت حين لا تجد تربة صالحة تنمو فيها او رعاية ملائمة لنموها كذلك فان الابداع ظاهرة اجتماعية تقوم على ما يوفره المجتمع من امكانيات مادية ومعنوية للمبدع فالمبدع يبدع للمجتمع لا لنفسه لذلك هناك المسؤولية الاجتماعية للشركات والمنظمات الاهلية لدعمه وكلنا يعلم ان الحاجة أم الاخترام فالحاجة الملحة تظهر في شكل مشكلة تتطلب حلاً عن طريق الابداع كما وان التنافس بين المجتمعات وسعيها لاثبات وجودها يجعل لكل مجتمع ان يحفز افراده سواء مؤسسات او جامعات او مدارس او جمعيات وغيره ولا ننسى ان التنافس العسكري بين الدول الكبرى يحفز وجود مبدعين مطورين لمنظومة الاسلحة بين تلك الدول ومبدعين ومطورين في عالم الالكترونيات والبرامج وانظمة السلامة العامة وصناعة وتطوير السيارات وعالم الانارة والطاقة البديلة باشكالها وانواعها وغيرها الكثير .
فهل لدينا مبدعين ومبتكرين ومخترعين في هذه المجالات او حتى في مواجهة المشاكل والازمات المتكررة من امطار وسيول وثلوج ورياح وغيرها والتي دائماً تتكرر دون ان نجد الحلول الناجحه لذلك ليكون الضحية اولاً واخيراً المواطن وممتلكاته وتخريب في البنية التحتية لذلك فأن المطلوب مسؤولين واصحاب قرار قادرين على الابداع او التحفيز على الابداع وخلق مبدعين ودعمهم لا ان نفكر ان ظهورهم وابرازهم حيز الواقع يشكل خطراً على مناصب المسؤولين لنجدهم في النهاية قد غادروا البلاد الى بلاد عربية او اجنبية تتبنى ابداعاتهم وافكارهم لتطويرها وتوفر لها كافة الامكانيات لتحقيقها وهذا ما يحصل دون ان نجد أي جواب من أي مسؤول على ذلك كذلك فأن كثير من المبدعين يتقلدون مناصب ويحاولون تغيير مفهوم آلية العمل لتتلائم ومتطلبات المصلحة العامة الاّ انهم يصطدمون بواقع انهم غير قادرين على اقناع اصحاب القرار بذلك التغيير ليبقى النمط التقليدي هو النمط السائد والغير قابل للتطوير فما نجد الاّ وان ذلك المبدع يترك العمل وينتقل الى عمل ليس فيه اي نوع من الابداع فهو يستسلم للأمر الواقع الذي يعاني منه المبدعون وهو تحجيم ابداعاتهم .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]

قد يعجبك ايضا